للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بدأت بطاقات الائتمان، فصار الناس يدفعون بواسطتها، بحيث توجد وسيلة الدفع – من عدم - عند لحظة تقديم البطاقة الائتمانية، والتوقيع على صك الأمر بالدفع بواسطتها، أي أن ما يسمى بعملية إيجاد النقود (وكثيرًا ما يستعمل تعبير خلق النقود) صار يقوم بها المشتري، عند استعماله لبطاقة الائتمان في سداد ثمن مشترياته. فظهر بذلك نوع جديد من النقود، يوجد عند التوقيع على صك الأمر بالدفع ثم يتحول إلى قيد في سجلات المصارف، شأنه شأن قيود الودائع الجارية.

ويمكننا أن نتخيل مستقبلًا تنعدم فيه الأوراق النقدية تمامًا، وتوجد فيه مصارف، تقوم بوظيفتين: حفظ الحسابات، وإصدار الائتمان، أو ما يسمى بخلق النقود، ولدى هذه المصارف أجهزة كمبيوتر، تقوم بإجراء القيود في الحسابات الجارية للناس، وتوجد أيضًا بطاقات إلكترونية تصدر باستعماله الأوامر، لأجهزة الكمبيوتر، بإجراء هذه القيود الحسابية، وهي أوامر من نوعين، تحويلي بين الحسابات، لا يولد نقودًا، وإيداعي يوجد وسيلة الدفع من عدم (١) عندئذ يكون النقد كله إلكترونيًّا، موجودًا فقط في ضمائر الكمبيوترات، فتصبح النقود وحدات حسابية فقط، ليس لها أي وجود مادي، ولا توجد في واقع الحياة خارج ديسكات وذاكرات الكمبيوترات.

وتقوم هذه النقود المعنوية، بجميع الوظائف المعروفة للنقود، حيث تكون مقياسًا للقيمة، ووسيلة للدفع في المبادلات، ومستودعًا للقيمة، ومعيارًا للدفوع الآجلة، تمامًا كما يقوم بها النقد الورقي، والنقود المعدنية قبله.

وبما أن للنقود أهمية كبيرة في الحياة الاقتصادية، فقد حرصت الحكومات على احتكار إدارتها، ومراقبة المصارف، وتوجيه نشاطاتها النقدية بشكل دقيقة وصارم.

ولدى معظم البلدان نقد وطني خاص بها، لا يمنح القانون لغيره القوة الإبرائية التي تمنح له، وتوجد بين الدول أنظمة معقدة للصرف، فمن الدول من يضع سعرًا رسميًا لنقدها بالعملات الأجنبية، ومنها من يترك سعر نقده الوطني بالعمات الأجنبية عائمًا، تحدده عوامل السوق، ومنها ما هو بين بين، كما أن بعض الدول تسمح بالتعامل غير المقيد بالعملات الأجنبية، فتنشأ لدى هذه الدول سوق محلية للصرف، ومنها من يضع قيودًا على ذلك من أنواع متفاوتة.


(١) وعند سداد مجموع الأوامر الإيداعية إلى الجهة المصدرة للبطاقة الائتمانية من قبل حامل البطاقة، بأمر تحويلي، تنطفئ (أو تموت) هذه النقود التي أوجدتها هذه الأوامر

<<  <  ج: ص:  >  >>