للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور عمر جاه:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، إمام المتقين ورسول رب العالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

فضيلة الرئيس، أتقدم بكلمة شكر إليكم وسوف أكون موجزًا في هذا التدخل. وتدخلي يتلخص بنقطتين أساسيتين:

النقطة الأولى: تتعلق بالموضوع الذي دار النقاش حوله بالأمس وهي قضية جوهرية أساسية تمس مستقبل الأمة بدولها وشعوبها. وأريد أن أذهب إلى مثل ما ذهب إليه كثير من أصحاب الفضيلة. وأخص بالذكر منهم الدكتور عبد السلام وفضيلة الشيخ المختار السلامي، والدكتور السالوس. ومن المؤكد أن من قواعد الشريعة في التعامل بين الناس مسلمين وغير مسلمين هو إقامة العدالة ورفع الظلم، والمحافظة على حقوق الخلق مسلمين وغير مسلمين، سواء كانت هذه الحقوق حقوقًا جماعية أو حقوقًا فردية. وهدف المجتهد خصوصًا المجتهدين من المسلمين الذين سبقونا ومهدوا لنا طريق الاجتهاد كان استنباط الأحكام الفقهية فيه استنباط وتحقيق هذه المقاصد. فالذين ذهبوا إلى القول فيما يخص كساد النقود في رد المثل أو رد القيمة كلهم يهدفون إلى تحقيق مقاصد الشريعة، لا أشك في هذا أبدًا، لكن المسألة ليست مسألة فقهية بحتة. هي مسألة اقتصادية في المقام الأول. فمسألة الكساد والتضخم أريد أن أصنفها إلى ثلاثة مستويات.

فمثلًا فيه كساد يؤدي إلى انهيار النقود انهيارًا تامًّا أو التعامل بهذه النقود. وهناك كساد يتعلق بانخفاض القيمة أو هناك تذبذب يؤدي إلى ارتفاع القيمة، وفي كل الحالات الثلاث ينبغي فيما أرى التعامل مع هذه القضية؛ لأنها قضية ملحة وقضية اقتصادية، فالمسألة اقتصادية أكثر من أن تكون مسألة فقهية. فالمطلوب إذن كما أشار إليه كثير من العلماء وخصوصًا الدكتور عبد السلام والشيخ المختار السلامي هو ضرورة التوجه إلى إيجاد هيئة متخصصة خصوصًا وهذا يتمشى مع ما اقترح به فضيلة الشيخ الفرفور بالأمس فيكون في شكل اجتماع للخبراء أو مؤتمر أو أي شكل آخر، ويكون البحث فيه بحثًا اقتصاديًّا حول هذه المشكلة من جميع جوانبها. فالقيام بهذا ضرورة للأسباب التالية وهي أن هناك جزءًا كبيرًا من العالم الإسلامي تعرض لمشكلة الانخفاض أو تخفيض قيمة العملة في الأشهر الماضية وأخص بالذكر دولًا من أعضاء هذا المجمع من الدول الإفريقية الناطقة باللغة الفرنسية، وقد حدث خفض قيمة العملة فيها بنسبة ٥٠?، وهناك مشاكل متعددة تتعلق بهذه القضية، ولا شك أن هذه الدول تقوم الآن بترتيبات وبإجراءات لمواجهة هذه المشكلة، لكن الإجراءات الاقتصادية التي تتخذ حاليًا تحتاج إلى تكييف فقهي يتمشى مع الشريعة، وهذا هو دورنا وهذا هو واجبنا هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>