للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الله بن منيع:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. وبعد،

أشكر الله –سبحانه وتعالى- ثم أشكر رئاسة هذا المجمع وأمانته الأمينة على إتاحة الفرصة لإعادة النظر في هذا الموضوع، فهو في الواقع موضوع له أهميته وله خطورته، وما أحصى من يستغرب صدور هذا القرار مع أني –وأحمد الله- ومثلي عليه جميعًا في أن المجمع وفق في كل قراراته إلى ما فيه تيسير أمور المسلمين، والتوفيق فيما بينهم، إلا هذا القرار فهو في الواقع محل نظر ومحل استغراب لدى مجموعة كبيرة ممن يتحدثون في هذا الموضوع.

الحقيقة أن الأمر –إعادة النظر فيه، جزاكم الله خيرًا- في الواقع في محله، والخليفة عمر بن الخطاب –رضي الله عنه وأرضاه- يقول وأنتم تعرفون مقالته: ألا لا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك وأهديت إلى الرشد أن تعيد النظر في الحق، فمراجعة الحق فضيلة، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل. ولا نقول: إنه باطل، ولكن نقول: إنه يحتاج إلى إعادة نظر، ونرجو الله –سبحانه وتعالى- أن يوفق الجميع إلى ما فيه إحقاق الحق وبيانه والأخذ به.

الأمر الثاني: -حفظكم الله- القول بأن جمهور العلماء ذهبوا إلى الأخذ برد المثل وأنه ينبغي لنا ألا نتجاوز هذا القول. في الواقع أننا حينما نقول بالقيمة فأعتقد أننا لم نخرج عن قول جمهور العلماء فضلًا عن القول الآخر. فجمهور العلماء –رحمهم الله- لم يقولوا بهذا القول إلا حفاظًا على ألا يكون هناك ضرر على الدائن ولا على المدين، ولكن إذا ترتب على ذلك ضرر وانتفت المثلية من حيث الواقع ومن حيث المعنى، لا قيمة للمثلية الشكلية، ما قيمتها؟ لو الآن أبطل السلطان الأوراق النقدية وكان في ذمتك لأخيك مبلغ من هذه الأوراق النقدية فوافيته بهذه الأوراق المبطلة وهي في الواقع مثلية، أخذت مثل أو لك مثل هذه الأوراق، هل نقول هذه المثلية؟ فالعبرة –حفظكم الله- بالواقع، والعبرة بالمعنى، والشكلية لا قيمة لها إلا إذا كانت متفقة مع الواقع. فنحن حينما نقول بأننا خالفنا جمهور فقهائنا السابقين حينما نقول بالقيمة، نحن في الواقع نتقول عليهم ونقول لهم ما لم يقولوه هم، -رحمهم الله رحمة واسعة- لم يقولوا هذا القول إلا لأنهم يتحدثون عن عمل معدنية من ذهب وفضة وغيرها، لها قيم ذاتية، فإذا نقصت فنقصها لا يتجاوز العشر أو لا يتجاوز الثلث على وجه الأكثر. فنحن الآن أمام نقص ونقص كبير قد يصل إلى ما سمعنا قرابة ٤٠٠٠? وهذا في الواقع يعتبر ضررًا بالغًا وضررًا كبيرًا، وقولنا بأننا نأخذ بالمثلية، في الواقع ليست هذه مثلية وإنما هي مثلية شكلية لا قيمة لها بجانب مخالفتها المخالفة الحقيقية للواقع نفسه، فما قيمة أوراق تعطيني إياها وليس لها من القيمة المعنوية أو القيمة المادية إلا واحد في أربعة آلاف مثلًا؟ هذه ناحية.

<<  <  ج: ص:  >  >>