للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة أخرى، ذكر بعض الإخوان –حفظهم الله- أنه ينبغي أن تكون مناهج بحوثنا مرتبطة بما ذكره جمهور فقهائنا، وهذا في الواقع عليه ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن ما كان محكومًا بنص من كتاب الله، أو من سنة رسول الله، أو من إجماع الأمة، فهذا في الواقع محل اعتبار ومحل إجماع ولا يجوز لنا أن نشكك في ذلك أو أن نتردد في الأخذ به، فلا اجتهاد مع نص. أما إذا كانت المسألة محل اجتهاد ومحل نظر، فمحل الاجتهاد ومحل النظر الباب فيه واسع، ونحن لو تتبعنا ما عليه علماؤنا وفقهاؤنا السابقين –رحمهم الله- ونذكر منهم الإمام الشافعي –رحمه الله- فله قولان، قول في القديم وقول في الحديث حينما كان في العراق كان له رأي، وحينما ذهب إلى مصر ورأى تحول الأحوال والظروف صار له رأي آخر. الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله- يكون له في المسألة ثلاثة أقوال وأربعة أقوال وخمسة أقوال، وغيرهم، وغيرهم. فالمسائل الاجتهادية لا يجوز لنا أن نربط أنفسنا بالقول بأن هذا ما عليه الجمهور وهو محل اجتهاد، والاجتهاد ينبغي أن يكون كذلك منا أنفسنا نحن على ضوء القواعد الفقهية.

نقطة أخرى، فقهاؤنا –رحمهم الله- كانوا يعيشون منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنًا، وهذه القرون متشابهة في ظروفها وفي أحوالها وفي مناهج حياتها، لكن في عصرنا هذا تغيرت الأحوال تغيرًا بالغًا، وصار هنالك تغير مقاييس وتغير نظر، وتغير ظروف وأحوال، فينبغي لنا ألا نحمل فقهاءنا السابقين ما لم يتحملوه، فلو عاشوا لكان لهم من النظر غير ما قالوه. ولا أقول هذا إنهم سيخالفون نصوصًا شرعية ولكنهم سيخالفون اجتهاداتهم التي كانوا يجتهدون فيها. فينبغي أن يكون هذا الاعتبار، حفظكم الله.

الأمر الثاني: القول بأن الدولة هي المسؤولة عن التضخم. هذا القول محل استغراب! سبحان الله العظيم!! هل حكومة السودان ترضى بأن يكون الدولار يساوي ستمائة أو سبعمائة جنيه؟ والله إنها لا ترضى، والله إنها تتمنى أن يكون الجنيه كالدولار أو أكثر من هذا، ولكنها كيف تعمل؟ وكذلك الأمر في تركيا أو العراق أو في لبنان أو في غيرها من البلدان التي لعملتها قلق وتردد وتردٍّ. فالقول بأن الدولة هي المسؤولة عن التضخم، هذا قول يحتاج إلى إعادة نظر، ولكن مصدر التضخم هو في الواقع مجموعة أسباب وممكن أن يكون خبراؤنا الاقتصاديون يعطونا أو أن ينظروا من أسباب هذا التضخم وهل يمكن أن يكون للمعالجات الشرعية أثر في هذا الشيء؟ نأمل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>