للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٣- وقد نتج الفرق بين القضاءين الداخلي والدولي في هذا الشأن بسبب التطورات العديدة التي لاحقت النظام القضائي الداخلي، بينما النظام القضائي الدولي ظل جامدًا في مكانه، ولم يتح له الوقت الكافي للتطور، فهو لم يظهر إلى الوجود بشكل واضح إلا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، تنفيذها للمادة ١٤ من عهد عصبة الأمم، التي تضمنت النص على تكليف مجلس العصبة بإعداد مشروع محكمة دائمة للعدل الدولي، أعده، وعرضه على الجمعية العامة في ١٣ ديسمبر ١٩٢٠ فوافقت عليه، وظل مطبقًا إلى أن تعثر إبان الحرب العالمية الثانية، حتى إذا ما انتهت هذه الحب بويلاتها وأوزارها، واجتمعت الدولة تحت علم الأمم المتحدة، استقر رأيها على وجوب استمرار القضاء الدولي، على أن تنشأ له محكمة جديدة تخلف المحكمة الدولية الدائمة للعدل، وتسمى محكمة العدل الدولية، ويكون نظامها الأساسي ملحقًا بميثاق الأمم المتحدة، وجزءًا لا يتجزأ منه، حتى تمتاز المحكمة الجديدة عن سابقتها التي لم تكن فرعًا من عصبة الأمم، وكان نظامها مستقلًا عن العصبة، وقد تم ذلك فعلًا في ١٩ إبريل سنة ١٩٤٥.

وقد حافظ ميثاق الأمم المتحدة، كما حرص النظام الأساسي للمحكمة على بقاء الخصائص الرئيسية للقضاء الدولي – وفق ما كان يراه المجتمع الدولي وقتذاك – وهي الخصائص المتمثلة في أنه – بحسب الأصل – قضاء بين الدول، ذو ولاية اختيارية، وأحكامه ملزمة، يجوز تنفيذها جبرًا، بالطرق التي تتفق مع طبيعة العلاقات الدولية، وأن وجود هذه المحكمة الدولية لا يحول دون إنشاء محاكم دولية أخرى (المواد ٩٣، ٩٤، ٩٥ من ميثاق الأمم المتحدة، والمادة ٣٥ من النظام الأساسي)

<<  <  ج: ص:  >  >>