للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: إن وجود الرابطة الوثيقة التي تربط دول وشعوب المؤتمر الإسلامي الذي شمل أهم الدول الإسلامية إن لم يكن الغالب الأعم منها، يدفع عن المحكمة الإسلامية ما حاق بمحكمة العدل الدولية، بسبب عدم تمثيل كثير من الدول في محكمتها، مما أدى – بالتالي – إلى نزوع هذه الدول إلى عدم عرض منازعاتها على المحكمة الدولية أو قبول الاختصاص الإلزامي لها (١) .

ثالثًا: إن تدعيم نظام المحكمة الإسلامية لوظائفها المتصلة بإنهاء المنازعات عن طريق التحكيم أو الوساطة، من شأنه أن يشجع الأطراف على الالتجاء إلى المحكمة، لما تتمتع به القرارات السياسية من مرونة، ولما قد تسمح به قرارات التحكيم من وقت أطول قبل التنفيذ، كل ذلك مع الاطمئنان إلى عدالة القرار بوصفه مستنبطًا من الشريعة الإسلامية التي تسيطر على المحكمة كلها، وتلتزم بها حتى ولو لم يوجد نص صريح يلزمها بذلك في التحكيم أو الوساطة.

رابعًا: إن لدى الشعوب غصة تنتابها عند التجاء دولها الإسلامية إلى محاكم دولية خشية تستغل الدول الأقوى نفوذها، أو تقضي المحكمة بما يخالف الشريعة الإسلامية.

٥٨ – وإذا كان الالتجاء إلى المحاكم الدولية قد تدفع إلى الظروف القاسية، أو يجد من يبرره إذا كان النزاع بين المسلمين وغيرهم، فإن النزاع بين المسلمين بعضهم البعض لا يجد أي مبرر مقبول للاحتكام إلى غير المسلمين في المحاكم الدولية، وليس فيما قرأنا من الفقه الإسلامي ما يعصم مثل هذا التقاضي من البطلان، ولا فيما يضعه في وصف الأحكام الواجبة الاحترام.

ومن ثم فإن إنشاء محكمة إسلامية يتوافر لها القضاة المسلمون الثقات العدول الخبراء بالشريعة، والخبراء كذلك بالقانون الدولي، من شأنه أن يرضى عنه الله العلي القدير، وأن تسعد به الشعوب المسلمة، دون أن يفتأت على أحد، حتى من غير المسلمين حين يرضون بالاحتكام إليها؛ ذلك لأن شريعة الله ليس فيها ما يخالف قواعد العدالة والإنصاف التي نص نظام محكمة العدل الدولية على جواز الفصل في النزاع على هديها، بما يتيح لهذه المحكمة أن تستبعد قاعدة قانونية وضعية لتطبق – بدلًا منها – ما تقضي به الأصول المنطقية التي تتفق مع العدالة (٢) .


(١) من ديباجة القرار الصادر عن القمة الثالث رقم ١١ / ٣ – س (ق أ) بمناسبة اقتراح الكويت إنشاء المحكمة
(٢) من ديباجة القرار الصادر عن القمة الثالث رقم ١١ / ٣ – س (ق أ) بمناسبة اقتراح الكويت إنشاء المحكمة

<<  <  ج: ص:  >  >>