للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك فإنه لم يكن غريبًا أن ينص النظام الأساسي للمحكمة الإسلامية – بجانب الاعتراف للشريعة الإسلامية بأنها هي المصدر الأساسي الذي تستند إليه المحكمة في أحكامها، على أن تسترشد المحكمة – مع ذلك – بالقانون الدولي والاتفاقات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف أو العرف الدولي المعمول به أو المبادئ العامة للقانون أو الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية أو مذاهب كبار فقهاء القانون الدولي في مختلف الدول (م٢١) .

فدخول هذه المصادر القانونية بوتقة المصدر الأساسي – وهو الشريعة – سوف يفرز قواعد عادلة ملائمة تتطور مع تطور الحياة الدولية وتتمشى مع محدثات العلاقات الدولية المتجددة.

٥٩- على أن إنصاف الشريعة الإسلامية لتأخذ مكانها المرموق على قمة القواعد الدولية التي تحكم القضاء والتحكيم الدوليين، يقتضي من الدول الإسلامية، ومن منظمة المؤتمر الإسلامي – على وجه الخصوص – أن تسعى إلى بلورة قواعد الشريعة الغراء لتكشف عن جوهرها، وتبين قدرتها على تنظيم المجتمعات على اختلاف ظروفها وتنوع تطورها.

وقد يدفعنا هذا إلى أن نناشد مجمع الفقه الإسلامي، أن يضع في خططه القريبة الاهتمام بصورة أوسع بأسلمة قواعد القانون الدولي، بدراسات فقهية متخصصة، تضبط هذه القواعد على الوجهة الشرعية، وتنزل حكم الله على ما أحدثته المجتمعات الدولية من علاقات، وما نشأ بينها من منازعات لم تعرض لفقهائنا الأوائل، وتحتاج إلى اجتهاد جماعي، يعززه العلم، بمختلف فروعه، وتظلله التقوى، ويحيط به الإيمان بأن الخالق أدرى بصالح خلقه، وأقدر على بيان ما ينفعه، وصدق الله العلي القدير حيث يقول: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: ١٤] .

والله من وراء القصد وهو نعم المولى ونعم النصير

والحمد لله رب العالمين

<<  <  ج: ص:  >  >>