للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاصة البحث

يرجع تزايد الاهتمام البالغ بالتحكيم، إلى أنه يحقق ما لا يستطيع القضاء الرسمي أن يحققه، من حسم سريع، وخبرة متخصصة، مع الحفاظ على أسرار المتخاصمين، والعمل على سرعة تنفيذ ما يحكم به.

وقد رحب الإسلام بالتحكيم ونظمه، بما يعتبر بحق تنظيمًا رائدًا للبشرية، كما اهتمت به الدول الإسلامية في العصر الحديث وأولته عناية خاصة , وأفردته بتنظيم مستقل، وصدقت على معظم المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة به، فضلًا عن إنشاء مراكز إقليمية دائمة على أرضها، اشترط – في بعضها – أن تكون الشريعة الإسلامية – وحدها – هي القانون الواجب التطبيق.

وللتحكيم من اسمه نصيب في معناه شرعًا، فهو في الاصطلاح: اتفاق بين أطراف الخصومة، على تولية من يفصل في منازعة بينهما، بحكم ملزم، يطبق شرع الله، ومن ثم فهو يختلف عن الصلح الذي يتولاه الخصوم بأنفسهم أو بمن يمثلونهم، ويتم عن طريق نزول كل منهم عن بعض ما يتمسك به، كما يختلف عن الفتيا في أنه يقوم على تمحيص الواقعة، ولا يكون إلا في خصومة وأنه ملزم للطرفين، ويختلف عن القضاء في أن المصدر المباشر للسلطة فيه هو رضاء الطرفين لا تولية ولي الأمر، وإن هذا الرضاء هو الذي يمنح الأطراف الحق في تحديد نطاق الخصومة، وفي تقييدها بما يشاؤون من حيث الزمان أو المكان أو غير ذلك، كما يمنحهم الحق في عزل المتحكم إليه، ومنعه من مباشرة التحكيم، إذا كان لم يشرع فيه بعد.

والاعتراف لإرادة الطرفين بالسلطة المشار إليها في نطاق التحكيم، يجب أن يستند إلى دليل شرعي، إذ أن هذه السلطة – في حقيقة الأمر – تنتقص من ولاية القضاء، بعزل بعض لخصومات عن اختصاصه، وإلزام الدولة بالإسهام في التنفيذ جبرًا لأحكام صادرة عمن لا تنبثق سلطته من سلطتها، ولا تتفرع ولايته من أي ولاية عامة من ولاياتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>