للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضوع الرئيس هنا التأمين، وليس هنا مجال بحث مشروعيته فللحديث عن صحته أو بطلانه مقام ومجال آخر. (١) ، غير أن التأمين هنا متبرع به لا يقدّم المؤمَّن عليه (حامل البطاقة) شيئًا من المال، فهو يدخل ضمن الجوائز التشجيعية من هذا الوجه.

إن البحث هنا يتناول العروض والمميزات المباحة المشروعة في أصلها، والهدايا والجوائز التي يقدمها مصدر بطاقة الإقراض إلى هذه الفئة من العملاء التي تتضمن في ظاهرها نفعًا خاصًّا للمقترض حامل البطاقة، وليس للمقرض مصدر البطاقة، لا يبدو وجود سبب لتحريم هذه ظاهرًا. لكن النظر بتأمل في الواقع ومآلات الأمور لا يسع المرء أن يتجاهل أن نتيجتها تصب في ربحية مصدر البطاقة حيث الإغراء في الاكتتاب في هذا النوع من البطاقات لذوي الدخل والإنفاق العاليين، الأمر الذي يتحقق من خلاله للبنك المصدر للبطاقة (المقرض) نسبة عالية من الأرباح، وهو المقصود الأساس من تلك العروض السخية لحملة هذا النوع من البطاقات وغيرها.

ولقائل أن يرى غير هذا. فيرى في الاكتتاب فيها عونًا لأرباب البنوك الربوية، وتكثيرًا لماليتهم وربحهم، وأن الحكم في هذه الهدايا والجوائز المباحة يختلف حكمها لو كانت صادرة من بنوك إسلامية تتحرى التعامل وفق الشريعة الإسلامية، حيث ينبغي تشجيعها والإسهام فيها.

هذه المميزات في صالح المقترض حامل البطاقة ظاهرًا، لكنها في الحقيقة تخفي مصالح عديدة يخفيها مصدر البطاقة بأساليب الدعاية والإعلان التي تخبئها عن أنظار حامل البطاقة وملاحظته لتزيد من أرباح الشركات المصدرة لها.

على أي حال ما دامت الجوائز والهدايا والمميزات مشروعة في أصلها، فليس في هذا ما يمس صحة العقد، ما دامت المنفعة في ظاهرها موجهة إلى حامل البطاقة المقترض، وفقًا للقواعد الشرعية المتفق عليها، خصوصًا لدى الفقهاء الذين لا يقولون بسد الذرائع كالشافعية، وعدم الجواز بالنسبة لمن يقول بقاعدة سد الذرائع كالمالكية وغيرهم.


(١) انظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي، قرار رقم ٩ في المؤتمر الثاني المنعقد بجدة من ١٠ - ١٦ ربيع الثاني عام ١٤٠٦ هـ/ ٢٢ -٢٨ ديسمبر عام ١٩٨٥ م، قرر: ١ - أن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعًا. ٢ - أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني. ٣ - دعوة الدول الإسلامية إلى إقامة مؤسسات التأمين التعاوني، وكذلك مؤسسات تعاونية لإعادة التأمين حتى يتحرر الاقتصاد الإسلامي من الاستغلال، ومن مخالفة النظام الذي يرضاه الله لهذه الأمة، والله أعلم. (مجمع الفقه الإسلامي، قرارات وتوصيات) ١٤٠٦- ١٤٠٩هـ/ ١٩٨٥- ١٩٨٨م، ص ١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>