للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الاجتهاد يتجزأ عند الجمهور والتخريج يتجزأ وإنما المقصود تحصيل الظن وعليه مدار التكليف (١) .

ومنها زعم بعضهم، أن جميع ما يوجد في هذه الشروح الطويلة وكتب الفتاوى الضخمة هو قول أبي حنيفة وصاحبيه، ولا يفرق بين القول المتخرج وبين ما هو قول في الحقيقة (٢) .

- ولا يحصل معنى قولهم: على تخريج الكرخي كذا، وعلى تخريج الطحاوي كذا، وإن تخريجات الأصحاب ليس مذهباً في الحقيقة.

وقال شاه ولي الله الدهلوي: حدث التخريج بعد القرنين الأول والثاني، غير أن أهل المائة الرابعة لم يكونوا مجتمعين على مذهب واحد، والتفقه والحكاية لقوله كما يظهر من التتبع؛ فكان العامة منهم: إذا وقعت لهم واقعة استفتوا فيها أي مفتٍ وجدوه من غير تعيين مذهب.

وكان خبر الخاصة: أنه كان أهل الحديث منهم يشتغلون بالحديث وآثار الصحابة.

وكان أهل التخريج منهم يخرجون فيما لا يجدون مصرحاً ويجتهدون في المذهب ... وكان هؤلاء ينسبون إلى مذهب أصحابهم، فيقال: فلان حنفي، وفلان شافعي (٣) .

المعتزلة وفقه التخريج:

ويرى شاه ولي الله الدهلوي أن أول من أظهر فقه التخريج – المعتزلة، ثم استطاب ذلك المتأخرون توسعاً وتشحيذاً لأذهان الطالبين ولو لغير ذلك والله أعلم (٤) .

وهكذا يبدو وجود علاقة وثيقة بين فقه الرأي وفقه التخريج، لأن فقه الرأي حوادث معينة ويلتمس لها حكم شرعي، بينما فقه التخريج ينطلق من قواعد أصولية أو فقهية معينة، وغالباً ما تكون المسائل مستجدة لا نص على حكمها في الكتاب أو السنة أوفتاوى فقهاء الأمصار.

أصالة فقه التخريج ومنهجيته:

إن التخريج على كلام الفقهاء وتتبع لفظ الحديث لكل منهما أصل أصيل في الدين، ولم يزل المحققون من العلماء في كل عصر يأخذون بهما.

ومنهم من يقل من ذا ويكثر من ذاك، ومنهم من يكثر من ذا ويقل من ذاك.


(١) الدهلوي، حجة الله البالغة: ١ / ١٥٦.
(٢) الدهلوي، حجة الله البالغة: ١ / ١٦٠
(٣) شاه ولي الله الدهلوي، حجة الله البالغة: ١ / ١٥٣.
(٤) الدهلوي، حجة الله البالغة: ١ / ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>