للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهج الصاحبين في فقه التخريج:

سلك الصحابان منهج إبراهيم النخعي وأقرانه ما أمكن لهما، كما كان أبو حنيفة رضي الله عنه يفعل ذلك، وإنما كان اختلافهم في أحد شيئين:

- إما أن يكون لشيخهما تخريج على مذهب إبراهيم النخعي، يزاحمانه فيه.

-أو يكون هناك لإبراهيم نظائره أقوال مختلفة يخالفان شيخهما في ترجيح بعضها على بعض، وكانت النواة الأولى في المذهب تلك المصنفات التي صنفها محمد بن الحسن، والتي جمع فيها أقوال الإمام وتلاميذه.

وتواصلت جهود العلماء فتوجه أصحاب أبي حنيفة إلى تصانيف محمد ابن الحسن تلخيصاً وتقريباً أو شرحاً أو تخريجاً أو تأسيساً أو استدلالاً، ثم تفرقوا إلى خراسان وما وراء النهر، وسمي ذلك مذهب أبي حنيفة، وهكذا أيضاً يتجلى لنا أثر فقه التخريج في نمو المذاهب المتبعة، مع العلم بأن أقوال الفقهاء بمثابة نصوص حيث لا نص من كتاب ولا سنة.

وتابع فقهاء المذاهب مسيرة أئمتهم، إسهاماً منهم في نمو المذاهب الفقهية: إفتاء، وجدالاً، وتصنيفاً؛ كل ذلك ضمن إطار المذهب.

أهل الحديث وأهل الرأي:

إن من يمعن النظر في مراحل نشأة الفقه الإسلامي وتطوره من قبل استقرار المذاهب ومن بعد استقرارها، يتضح له أنه كان قوم من العلماء في عصر سعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعي (- ٩٦ هـ) ، والزهري (- ١٢٤ هـ) ، يخافون الخوض في الرأي، ويهابون الفتيا والاستنباط إلا لضرورة لا يجدون منها بُدًّا، وكان أكبر همهم رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتتبع آثار الصحابة والتابعين، والمجتهدين على قواعد أحكموها في نفوسهم وهؤلاء يعرفون بأهل الحديث، وكانوا يقولون: لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله (١) .

وفي الوقت نفسه كان هناك فئة معاصرة ترفع شعارا آخر، وربما يكون على نقيض من هذا الشعار، وهو: على الفقه بناء الدين فلابد من إشاعته.


(١) الدهلوي، حجة الله البالغة: ١ / ١٤٧ – ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>