للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوازل في فقه الشافعية

قال الجويني: وإن وقعت واقعات لا نصوص لصاحب المذهب في أعيانها، فما يعرى عن النص ينقسم قسمين:

أحدهما: أن يكون في معنى المنصوص عليه، ولا يحتاج في درك ذلك إلى فضل نظر وسبر غور وإمعان فكر، فلا يتصور أن يخلو عن الإحاطة بمدارك هذه المسالك من يستقل بنقل الفقه، فليلحق في هذا القسم غير المنصوص عليه بالمنصوص عليه.

وبيان ذلك بالمثال من ألفاظ الشارع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه نصيب صاحبه)) . فالمنصوص عليه العبد، لكننا نعلم قطعاً أن الأمة المشتركة في معنى العبد الذي اتفق النص عليه ... فلا حاجة في ذلك إلى الفحص والتنقيب عن مباحث الأقيسة، فإذا جرى لصاحب المذهب مثل ذلك لم يشك المستقل بنقل مذهبه في هذا الضرب في إلحاق ما في معنى المنصوص عليه بالمنصوص عليه.

وإذا احتوى الفقيه على مذهب إمام مقدم حفظاً ودراية، واستبان أن غير المذكور ملتحق بالمذكور فيما لا يحتاج فيه إلى استشارة معانٍ واستنباط علل، فلا يكاد يشذ عن محفوظ هذا الناقل حكم واقعة في مطرد العادات.

والسبب فيه: أن مذاهب الأئمة لا تخلو من كل كتاب بل في كل باب، عن جوامع وضوابط وتقاسيم تحوي طرائق الكلام في الممكنات وما وقع منها وما لم يقع.

فإن فرضت واقعة لا تحويها نصوص، ولا تضبطها حدود روابط وجوامع ضوابط، ولم تكن في معنى ما انطوت النصوص عليه (١) .

* * *


(١) الجويني، الغياثي، ص ٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>