للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوازل في الفقه المالكي

النوازل والفتاوى:

النوازل والفتاوى والواقعات والأحكام هي أسماء لمسمى واحد (الفتوى) ، والغالب على أهل المشرق أن يطلقوا عليها تسمية (الفتاوى) لأنها بينت أحكام حوادث نزلت، و (كتب أجوبة) لأنها أجيب بها عن أسئلة وردت، و (كتب أسئلة) لأنها حدثت بعد أسئلة، و (كتب أحكام) لأنها بينت أحكاماً بحوادث خاصة، مما جعل المتأخرين من المغاربة يسمون المفتي (بالنوازلي) (١) . لأنه اختصاصي في الإجابة عما يحدث من النوازل.

وربما كانت النوازل الأندلسية والمغربية من متصف القرن الخامس الهجري إلى منتصف القرن التاسع منه – من أهم النوازل، لأنها كتبت في مرحلة تاريخية هامة وغنية بالأحداث، حيث اشتدت بالأندلس مشاكل ملوك الطوائف، وظهرت بالمغرب نتائج زحفه بني هلال.

وفيها بدأ الهجوم النصراني على بلاد الأندلس، فسقط طليطلة ثم قرطبة وإشبيلية وأخيراً غرناطة، كما تعددت حملات الفرمان على السواحل الشرقية للمغرب.

وفيها ظهرت دول إسلامية كبرى كالمرابطين والموحدين والمرينيين.

وفيها حدثت التحركات البشرية في هجرات متداخلة متعاكسة، كهجرة الأندلسيين من شمال بلادهم إلى وسطها فالمغربين الأقصى والأدنى، وكهجرات المغاربة الداخلية التي كانت بسبب تناوب الدول واعتمادها على العصبية القبلية.

هناك أربعة أصناف رئيسية من المناهج التأليفية لكتب النوازل المغربية والأندلسية:

الصنف الأول منها: هي التي يؤلفها أحد الفقهاء المفتين، فيجمع فيها أجوبته وأجوبة غيره من معاصريه، أو من السابقين له من مختلف البلاد، ويرتبها على ترتيب أبواب الفقه.

ومن أشهر هذه المؤلفات في هذا الصنف معلمتان بارزتان: إحداهما التونسي هو البرزكي (- ٨٤١ هـ) .

أما المعلمة الثانية في هذا الصنف من النوازل فهي كتاب (المعيار المعرب) لأحمد بن يحيى الونشريسي التلمساني (- ٩١٤ هـ) .

الصنف الثاني: من كتب النوازل هي التي جمعت أجوبة فقهاء ينتسبون إلى منطقة واحدة، أو إلى مدينة واحدة، فمن تلك التي جمعت فتاوى شيوخ منطقة واحدة يمكن أن نذكر مثلين بارزين هما:

١- كتاب (أحكام ابن سهل الغرناطي ٤٨٦ هـ) ، وهو المعروف بكتاب (الإعلام بنوازل الأحكام) ، وهو أقدم مجاميع النوازل الأندلسية، حيث جعله صاحبه خاصاً بفتاوى الأندلسيين.


(١) من ذلك ما وصف به أبو المحاسن القصري (- ١٠١٣ هـ) ، محمد مخلوف، شجرة النور الزكية: ١ / ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>