للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: (نوزل العزابة) :

وهي عبارة عن (دفتر النوازل التي حكم فيها العزابة) (١) .

غير أن مضمون هذا الدفتر يختلف عن نوازل نفوسة، إذا أورد نوازل العزابة وقائع بعينها وبيان حكم العزابة فيها. وعلاقتها بالعمل الفقهي من جهتين:

١- بيان بعض الأحكام التي تعبر عن المعمول به، مثل جريان العمل عند العزابة في كتابة الصداق أن المرأة تصبح في عصمة نفسها إذا تغيب عنها زوجها أكثر من سنتين (٢) .

٢- استناد الفتوى أو الحكم القضائي على عمل فقهي العمل به جار بمقتضى الحكم الشرعي الذي روعي فيه المصلحة المرسلة.

ويمكننا أن نستخلص – مع هذه الاعتبارات – سمات العمل الفقهي وضوابطه التي تتحكم فيما يلي:

أولا – خصائص العمل الفقهي:

يمتاز العمل الفقهي بأن أحكمه تتناول الجانب العملي التطبيقي من الفقه دون الأحكام النظرية، ويعرف ذلك من نص العلماء على ما يجري العمل به، كما سبق التمثيل عليه في المبحث السابق، إضافة إلى ما كان من التأليف مما قصد به بيان الأمور المعمول بها عند علماء المذهب أو عند عامة الناس ممن ينتمون إلى بلد أو إقليم معين.

أما التآليف التي تغذي جانب الفقه العملي فلا بد أن تتحق فيها إحدى صفتين: القصد من تأليفها إلى العمل بها، وجريان العمل بعد تأليفها.

وهي نوعان:

أ- التآليف العامة: التي تشير أحيانا إلى ما عليه العمل، وهي السمة الغالبة على سائر كتب المذهب الإباضي، ككتاب الإيضاح الذي صار مرجع الفتوى في المغرب في فترة من الفترات، وذلك من حيث اعتماده في استصدار الأحكام الفقهية العملية بالرجوع إما إلى ما نص المؤلف على كونه معمولا به أو إلى ما رجحه.

ب- التآليف المقصودة لهذا الغرض: وذلك مثل مختصر البسيوي الذي سبق الحديث عنه، والملاحظ على هذا الكتاب ومثله أنه لم يغفل بعض الجوانب العقدية، مما يفيد تأكيد الإباضية على الربط بين القول والعمل في الإيمان، لأن الفقه وإن كان مقصوده الأسمى جانب العمل إلا أن للعقيدة الراسخة دورا في توجيه الجوارح نحو العمل ودفعها إلى تنظير الفقه، ولهذا لم تستطع أغلب المؤلفات الإباضية طوال فتراتهم السابقة إغفال الجانب العقدي، بل على العكس نجد التركيز على بسط مقومات الإيمان وغرس معانيه بشكل واضح جدا، ووضوحه من خلال عدم إفراد مؤلفات خاصة بالعقيدة وأخرى بالفقه إلا نادرا، سواء ما يخدم منها العمل الفقهي بشكل مباشر أو عن طريق البيان.


(١) نظام العزابة، ص ٢٧٥.
(٢) نظام العزابة، ص ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>