للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

خصائص العمل الفقهي وضوابطه

لا مراء في أن العمل الفقهي أحد مظاهر الفقه الحضارية من حيث تناوله الجوانب العملية من حياة الإنسان،ولذلك فهو يمثل قانونا شرعيا ودستورا للبشرية كلها.

وقبل الدخول في الخصائص والضوابط، يحسن أن نتبين مدار العمل الفقهي وطبيعة علاقته بالأحكام الشرعية.

إن العمل الفقهي من حيث مصدره وثيق الصلة بالفتوى التي تكون حلا شرعيا لنازلة من النوازل، وذلك بأحد أمرين:

الأول: أن تصدر الفتوى حكما شرعيا يكون علاجا لنازلة معينة يجري العمل بالحكم على مثيلاتها بمقتضاها، فتصبح عملا فقهيا قد يمتد قرونا.

الثاني: أن تكون الفتوى جارية على مقتضى عرف أو عادة سبقتها مما لا يعارض دليلا شرعيا، سواء كانت المصلحة ترجح بقاءها أو لم يمكن أصلا سبب لتغيير ذلك العرف أو تلك العادة.

وقد ورد العمل الفقهي عند الإباضية باسم النوازل في صورتين:

الأولى: (نوازل نفوسة) :

وهو عنوان كتاب لم أقف على مؤلفه، وقد ذكر الإمام قطب الأئمة مرارا في شرح النيل، والعينات التي نقلها منه هي من قبيل العمل الفقهي، مثل قول الإمام القطب فيمن قابلتها اثنتان: "وإن ولدته حيا ومات هو وأمه فقالت إحداهما: مات قبلها، وقالت الأخرى: بعدها ففي نوازل نفوسة: القول قول من قالت بعدها " (١) .

وقوله: "وإن اعتدت بالغة بالأشهر – على قول – فحاضت قبل خروج العدة استأنفت بالحيض كذلك، وقيل: إذا حاضت من دخلت في العدة بالأشهر بنت على ما مضى من الأشهر بالأيام، وتلغي الحيض وتحسب بالأيام، قال في نوازل نفوسة: هو غير معمول به " (٢) .

ويفهم من هذين الأمرين وغيرهما مما ذكره الإمام القطب أن سبيل هذا الكتاب سبيل غيره مما يدخل مجال العمل الفقهي، وأما نسبته إلى نفوسة فيحتمل أن مؤلفه من نفوسة موطن الإباضية بليبيا، أو مما هو مجال للعمل بنفوسة، غير أن الرابط بين النوازل وبين العمل يوضح العلاقة المتينة بينهما.


(١) شرح النيل: ٥ / ٣٥٥.
(٢) شرح النيل: ٧ /٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>