للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-وأما استخدام العبيد - في فترة سابقة – بعد صلاة العتمة فقد ورد النهي عنه فيما رواه الإمام الربيع من طريق جابر بن زيد قال: "سمعت أناسا من الصحابة يروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن استعمال العبيد بعد صلاة العتمة " (١) .

وموضوع الشاهد أن الإمام غسان بن عبد الله الخروصي – حسبما سبق – كان يرى التشدد في مسألة استخدام العبيد بعد العتمة، فيحمل النهي في الحديث على هذا المحمل، فعدوله عن الأخذ بمقتضاه عدول عن الأخذ بالنص لمصلحة رجحت عدم العمل به، ولذا قال قولته: "عدلنا إلا في عبيد الباطنة ... إلخ " (٢) .

- وأما فتوى أبي المؤثر بتحريق بيوت القرامطة فقد عدها الإمام السالمي من قبيل المصلحة المرسلة كما سبق.

وقد عدها أبو الحواري محمد بن الحواري العماني (من علماء أواخر القرن الثالث الهجري) من قبيل القياس، إذ جعلها مقيسة على تحريق النبي صلى الله عليه وسلم مسجد الضرار (٣) .

- أما أبواب التعارف (الدلالة) فمحورها – فيما لم يرد في حكمها نص ولا هو مما أجمع عليه ولا توصل إليه بقياس ولا استدلال – الرضا وسخاء النفس وجريان العادة، وفيما مضى بعض الأمثلة على ذلك، ومما ورد في المصنف: "في الدلالة اختلاف بين الناس ... والمعمول به أنها في مال الولي وغير الولي ممن يعرف منه ذلك، وذلك إذا كان يدل عليه بشيء يسر به المدلول عليه ويكره مما لو فعله بحضرته لم يستحِ منه بذلك " (٤) .

"وقيل الإدلال على كل من اطمأن قلبك أن الذي تفعله في ماله تطيب به نفسك، وإن كان يهوديا ومنافقا، لأن الحلال أصله الرضا وطيبة النفس مع موافقة الحق فيما دخل فيه، وإذا كنت لا تستحي من صاحبك إذا أدركك وأنت تأكل من ماله لم يدخلك حياء " (٥) .

"وإذا أراد أحد من أهل الأملاك منع شيء قد أجمع عليه أهل البلد على إباحته فله ذلك، لأن هذه سنة تراض فإذا لم يرض فقد خرج من حال الإجماع وصار مخصوصا بالكراهية " (٦) .

وهكذا يمكن أن توجه كل المسائل الفقهية المتعلقة بهذا المجال.

* * *


(١) الجامع الصحيح، حديث رقم (٦٨٧) .
(٢) لا يخفى أن العدل حاصل من حيث إن الأسياد يريحون عبيدهم بالنهار مقدار عملهم بالليل، فإذا حصل لهم الرفق بالاستراحة حصل مقصود الشارع كما يقول الإمام السالمي. أما على قول الإمام غسان، فالعدول عن الأخذ بظاهر الحديث إن حمل النهي فيه إلى التحريم كما هو رأي الإمام، فليس الأمر راجعا فيه إلى هذا المعنى، بل إلى أن الليل ليس وقت عمل بل هو وقت استراحة وعبادة؛ انظر: شرح الجامع الصحيح: ٣ / ٤٩١.
(٣) السير والجوابات: ٢ / ٣٦٠.
(٤) المصنف: ١٣ / ٢٨.
(٥) المصنف: ١٨ / ٢٨ – ٢٩.
(٦) منهج الطالبين: ١٣ / ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>