للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- أن يكون تنفذ القانون الفقهي – في المجالات القضائية – موكولا إلى قضاة شرعيين عارفين بأحكام الشريعة، ليتسنى تنزيل الحكم على الحادثة، بعد المعرفة التامة بتوجه الحكم إليها.

٦- أن تتبنى فكرة التقنين جهة شرعية مسؤولة عن تنفيذ الأحكام الشرعية.

٧- أن يقدم القانون الفقهي بشكل يتناسب مع لغة الطرح العصرية.

٨- أن لا تكون عبارته وألفاظه ذات دلالة محتملة بحيث تختلف الأنظار في تفسير نصه، مما يؤدي إلى اختلاف الحكم من شخص لآخر في مسألة واحدة.

ثانيا - تلقين الفقه:

يمكن استغلال العمل الفقهي في النواحي التعليمية والمجالات الأكاديمية وذلك فيما يلي:

١- إذا كان المتلقي النشء المؤمن، الذي يفترض أن يكون بمنأى عن الخلافات الفقهية التي لا يستفيد منها في الأمور العملية، وأن ينفصل في باكورة حياته عن الأدلة الشرعية التي استفيد منها أحكام العمل الفقهي الذي يلقنه، إذ المراد العمل بالحكم لا الاستدلال على الحكم.

ويتم ذلك باختيار أحد المختصرات التي يسهل عليها هضمها من حيث التلقي والاستيعاب، ولا مانع حينئذ من إحداث عمل فقهي مناسب للمستوى المطلوب.

وقد ظل ديوان العزابة فترة من الفترات مساقا دراسيا للطلبة.

وقد تمثلت هذه الفكرة عند الإباضية فيما ألفه الإمام نور الدين السالمي – مما وسمه بـ (تلقين الصبيان ما يلزم الإنسان) الذي صار العمل بتلقينه للنشء جاريا منذ تأليفه حتى العصر الحاضر، وقد أدى هذا العمل الفقهي المختصر دوره الريادي عند إباضية عمان.

٢- يمكن أن يصبح العمل الفقهي وسيلة ناجحة في تغطية جوانب النقص لدى المشتغلين بغير العلوم الشرعية، الذين ليس عندهم من الوقت ما يسعفهم لقراءة المطولات التي تتميز بتزاحم الأقوال وتكاثر الأدلة، وليس عندهم من الملكة الفقهية ما يمكنهم من الترجيح بين الأقوال، والذين لا يعنيهم من الفقه إلا الجانب التطبيقي الذي يحتاجون إليه فيما يؤدون به القدر الواجب عليهم من أحكام الدين العملية.

وإذا كانت كثير من مختصرات الفقه قصد باختصارها التيسير على طلبة العلم؛ فإن غيرهم أولى بهذا القصد، سواء الدارسون في هذه الميادين أو الممتهنون لها، ويمكن أن تعنى المؤسسات التعليمية بهذا الجانب، من خلال طرح مساقات تسهل على غير طلبة العلم الشرعي الأخذ بنصيب وافر مما يعنيهم من أمور دينهم، وهذا هو الملاحظ على كثير من دور التعليم لا سيما التي يتأخر فيها التخصص، حيث إن علاج هذه المسألة فيها يكون بشكل غير كثير الجدوى، حين يساوي عدد طلاب العلوم الشرعية بغيرهم في عدد الجرعات الفقهية ونوعية المادة الدراسية الشرعية.

٣- مما يمكن أن يستفاد من العمل الفقهي تقريب الفقه إلى المسلمين غير الناطقين باللغة العربية، لا سيما حديثي العهد بالإسلام، الذين لم يمارسوا شعائر الدين وتعاليمه ممارسة تمكنهم من استيعاب الأحكام إلا بطريقة التلقين.

ويتم إنجاز نحو هذا المشروع بترجمة هذا العمل الفقهي المعد لأمثال هؤلاء.

ثالثا – المجالات الدستورية:

يمكن أن يستفاد من العمل الفقهي بإيجاد صيغة إسلامية لكل التشريعات، سواء منها ما يتعلق بنظام الحكم أو التشريعات الجنائية أو غيرها، وللإباضية في هذين المجالين القدح المعلى والنصيب الأوفر من الأمثلة العملية الحية التي لازمت الحركة السياسية عند الإباضية، فلذا يمكن أن يستفاد من الأعمال الفقهية سواء منها المجموعة مثل كتاب (إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) للشيخ سعيد بن خلفان الخليلي، أو المتناثرة مما له علاقة بالفقه السياسي الإباضي من حيث شروط اختيار الخليفة وطرق ذلك مما تلح الحاجة إلى إلى بيانه وضبطه.

رابعا – المجالات الاجتماعية:

حيث يمكن أن يفادى من بعض مجالات العمل الفقهي المتعلقة بالجوانب الاجتماعية التنظيمية، من خلال استحداث أنظمة اجتماعية أشبه بالدساتير ذات الصبغة الشرعية، تعني بالجوانب الإصلاحية وتسد النقص الذي أفرزته المدنية الحديثة الممتزجة بالمادية الخاوية من روح الدين.

وقد مثل نظام العزابة هذه القضية خير تمثيل.

ناصر بن سليمان بن سعيد السابعي

<<  <  ج: ص:  >  >>