للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الرابع

منهجية الحوار وأخلاقيات البحث

لابد للحوار من أصول علمية شرعية يبنى عليها حتى يكون هادفًا، ويمكن إيجاز هذه الأصول في النقاط التالية:

١ - الاحتكام إلى كتاب الله تعالى، وإلى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة عند الطرفين المتحاورين، وما اختلف في ثبوته من أحاديث؛ فالاحتكام فيه إلى كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥] ، وقوله تعالى: {فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [الشورى: ١٠] ، وقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩] .

٢ - تحديد الهدف؛ وذلك بتحديد نقاط الاختلاف بين المتحاورين بدقة، فينتقل الحوار من الأصول إلى الفروع، ومن الكليات إلى الجزئيات بتناسق علمي مطرد.

٣ - التفريق بين القطعيات والظنيات في مسائل العقيدة، وعدم التنابز بالألقاب، ورمي أي مذهب أو مدرسة إسلامية بالبدعة، فقد نهانا الله عن ذلك، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: ١١] .

هذا، وللأسف الشديد اعتاد أتباع كل مذهب أن يطلقوا على أنفسهم أحب الأسماء، وأن يطلقوا على مخالفيهم أقبح الأسماء، وكان الكثير منهم يفتحون أبواب الجنة على مصاريعها لأتباعهم، ويغلقونها بإحكام أمام أنظار الآخرين، وذلك مخالف لقوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: ٣٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>