للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقف النقود والمنافع:

لا شك أن النقود وما يتبعها من معبرات عنها كالأسهم والسندات قد غدت في زماننا هذا من أوجه الاستثمار ذات الأهمية البينية التي تضاهي الأصول الرأسمالية الثابتة كالأراضي والمنشآت الضخمة إن لم تفقها، ويرجع ذلك إلى يسر نقلها من يد إلى يد من جهة، وصلاحيتها لتكون معياراً لقيم كبيرة لا تحدها حدود سوى ملاءة أو ضعف ملاءة من يحملها من جهة أخرى.

وفضلاً عن ذلك فإن النقود بخاصة يمكن توظيفها في الوقف في مجالين:

١-مجال القرض الحسن الذي يساعد في تخفيف المعاناة عمن يحتاجون مثلاً لتكاليف الزواج أو السكن أو العلاج أو التعليم أو غير ذلك من متطلبات الحياة التي تدهم الناس في بعض الأحوال من غير أن يكون لهم استعداد مسبق ومحسوب لتحمل تبعاتها.

٢- مجال الاستثمار عن طريق المضاربة أو المشاركة أو غير ذلك من طرق الاستثمار المشروعة – التي سوف يأتي تفصيلها بعد قليل- وتشارك النقود في هذا المجال الأسهم والسندات التي تكون بحسب طبيعتها موظفة في مشروعات استثمارية على أن يؤول الربح في كل الأحوال لجهة الموقوف عليها (١) .

وما سرى على النقود وملحقاتها من أسهم وسندات، يسري على المنافع التي غدت هي الأخرى ذات حضور في حياة الناس كأن يقف مؤلف مشهور حق نشر كتابه على جهة بر، أو لدعم مشروع علمي أو مركز بحوث أو نحو ذلك (٢) .

والقول بجواز وقف النقود والمنافع هو رأي المالكية، أما قولهم بجواز وقف المنافع فيدل عليه قول الشيخ خليل في مختصره (وصح وقف مملوك وإن بأجرة) والمنفعة التي يجوز وقفها عندهم ما عدا منفعة الحبس نفسه، أما منفعة الحبس فلا يصح وقفها لتعلق الحبس بها، وما تعلق الحبس به لا يحبس كالخلوات (٣) .


(١) أثر الاجتهاد في تطور أحكام الوقف، بحث للزميل الأستاذ الدكتور محمود أحمد أبو ليل في ندوة (الوقف الإسلامي) التي نظمتها كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات بالعين في ديسمبر ١٩٩٧م، ص ١٧.
(٢) أثر الاجتهاد في تطور أحكام الوقف، ص١٧.
(٣) الخرشي: ٧/٧٩؛ والشرح الصغير: ٤/١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>