للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقف والاختيارات من آراء المذاهب:

لا شك أن كثرة الآراء الفقهية، وثراء الاجتهاد في فقه الوقف، أفاد كثيراً في حركة التشريع الخاصة به وبتقنين أحكامه، يتضح ذلك من أن الدول الإسلامية التي عملت على تقنين الوقف لم تعتمد في تقنينها على مذهب فقهي واحد وهو المذهب المتبع عندها، وإن جعلت ذلك المذهب هو الأساس الذي تنطلق فيه لارتباطها به لدواعي ثقافية وتاريخية وتعليمية نابعة من اعتمادها تقليد ذلك المذهب سواء كان ذلك التقليد في كل شؤونها الدينية في العبادات والمعاملات كما هو الشأن في دول شمال إفريقية وبعض دول الخليج العربي التي تعتمد المذهب المالكي في العبادات والمعاملات، أو كان اعتمادها على ذلك المذهب في الأحوال الشخصية وما يتبعها من أحكام الوقف والوصية كما هو شأن الدول المتأثرة بالدولة العثمانية كمصر والسودان اللتين تعتمدان المذهب الحنفي في الوقف ولا تعتمدانه في العبادات، فأهل السودان مالكية في عباداتهم، وأهل مصر فيهم الحنفية والمالكية والشافعية، وما رجحته تلك التقنينات وأخذت به من آراء المذاهب غير مذهبها أو من مذهبها لكنه غير الراجح المفتي به كثير يصعب حصره في هذه الدراسة (١) ، على أن الذي يمكن أن نخلص إليه من ذلك هو ضرورة الاستفادة من مرونة المذاهب الفقهية في تنشيط الوقف أولاً، وفي تنشيط حركة الاستثمار فيه ثانياً وذلك هو موضوعنا، ولعل من القضايا المهمة في تنشيط الوقف وقف النقود والمنافع، ولهذا أوثر الحديث عنه قبل الدخول في دراسة الصيغ المعاصرة للاستثمار.


(١) راجع قانون الوقف المصري رقم (٤٨) لسنة ١٩٤٩م، رقم (١٨٠) لسنة ١٩٥٢، وقانون (٢٤٧) لسنة ١٩٥٣م، والقانون السوري لسنة ١٩٤٩م، ومشروع القانون الكويتي لسنة ١٩٨٤م.

<<  <  ج: ص:  >  >>