للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث

حكم استخدام النظم المعاصرة

في إدارة الوقف واستثماره

مدخل:

يعتمد الوقف في أصل مشروعيته على القرآن والسنة وإجماع الصحابة كما سلف بسطه، أما الأحكام الأخرى الكثيرة التي يوردها الفقهاء في مذاهبهم المختلفة حينما يتناولونه فتعتمد على الاجتهاد سواء كان ذلك الاجتهاد عن طريق القياس أو الاستحسان، أو المصالح المرسلة والعرف، تبعاً لطبيعة المسألة التي تكون محلاً للبحث والنظر (١) .

وقبول الوقف للاجتهاد بهذه السعة أتاح ويتيح أيضاً أمرين هامين:

أولهما: إمكانية الاختيار من آراء المذاهب المختلفة في أي شأن من شؤون الوقف إذا اقتضت المصلحة ذلك.

ثانيهما: اللجوء إلى أي اجتهادات جديدة فيما لم يرد فيه عن الفقهاء حكم سواء كان ذلك الاجتهاد بالتخريج على آراء الفقهاء أنفسهم، أو باستخدام المصادر الاجتهادية المقررة أصولاً الاستنباط في الشريعة الإسلامية.

والأمر الثاني يفيد في زماننا هذا الذي جدت في نظم إدارية وتنظيمية عددية، وأنماط وطرق للاستثمار الاقتصادي والمالي كثيرة، حتى غدت الإدارة علماً مستقلاً له فروعه وتخصصاته، وأضحى الاقتصاد الذي ينطوي على طرق الاستثمار مادة ثرية تقوم على ركائز فلسفية، وقواعد رياضية، ومحاسبات ومقايسات ومعايير ذات أبعاد واتساع.

وقد نتج ذلك كله عن تقدم الإنسان، وكثرة اكتشافاته، ودخول الصناعة مع الزراعة كعنصر فاعل ومؤثر في الاستثمار، بالإضافة إلى زيادة الاستهلاك، الناتج هو الآخر – عن ازدياد عدد السكان، وتنوع حاجاتهم الاستهلاكية وتعددها تبعاً لاختلاف ثقافاتهم وأذواقهم.

وسوف نشير للأثر الذي أحدثه الأمر الأول في الوقف ثم نستصحب الأمر الثاني لنرود به آفاق استخدام النظم المعاصرة في إدارة الوقف واستثماره.


(١) الفقه الإسلامي وأدلته للأستاذ وهبة الزحيلي: ٨/١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>