للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال:

ويجوز أيضًا – على قياس قوله – استثناء بعض المنفعة في العين الموهوبة، والصداق وفدية الخلع، والصلح على القصاص ونحو ذلك من أنواع إخراج الملك، سواء كان بإسقاط كالعتق، أو تمليك بعوض كالبيع، أو بغير عوض كالهبة.

ويجوز أحمد أيضًا في النكاح عامة الشروط التي للمشترط فيها غرض صحيح؛ لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن أحق الشروط أن توفوا به: ما استحللتم به الفروج)) . ومن قال بهذا الحديث قال: إنه يقتضي أن الشروط في النكاح أوكد منها في البيع والإجارة، وهذا مخالف لقول من يصحح الشروط في البيع دون النكاح، فيجوز أحمد أن تستثنى المرأة ما يملكه الزوج بالإطلاق، فتشترط أن لا تسافر معه ولا تنتقل من دارها، وتزيد على ما يملكه بالإطلاق، فتشترط أن تكون مخلية به، فلا يتزوج عليها ولا يتسرى.

ويجوز – على الرواية المنصوصة عنه المصححة عن طائفة من أصحابه – أن يشترط كل واحد من الزوجين في الآخر صفة مقصودة، كاليسار والجمال ونحو ذلك، ويملك الفسخ بفواته، وهو من أشد الناس قولًا بفسخ النكاح وانفساخه فيجوز فسخه بالعيب، كما لو تزوج عليها وقد شرطت عليه أن لا يتزوج عليها، وبالتدليس كما لو ظنها حرة فظهرت أمة، وبالخلف في الصفة على الصحيح، كما لو شرط الزوج أن له مالًا فظهر بخلاف ما ذكر. وينفسخ عنده بالشروط الفاسدة المنافية المقصودة كالتوقيت، واشتراط الطلاق.

وعلى أكثر نصوصه يجوز أن يشترط على المشتري فعلًا أو تركًا في المبيع مما هو مقصود للبائع، أو للمبيع نفسه، وإن كان أكثر متأخري أصحابه لا يجوزون من ذلك إلا بالعتق، وقد يروى ذلك عنه؛ لكن الأول أكثر في كلامه. ففي جامع الخلال عن أبي طالب: سألت أحمد عن رجل اشترى جارية فشرط أن يتسرى بها: تكون جارية نفيسة يحب أهلها أن يتسرى بها، ولا تكون للخدمة؟ قال: لا بأس به.

وقال مهنا: سألت أبا عبد الله عن رجل اشترى من رجل جارية فقال له: إذا أردت بيعها فأنا أحق بها بالثمن الذي تأخذها به مني؟ قال: لا بأس به، ولكن لا يطأها ولا يقربها وله فيها شرط؛ لأن ابن مسعود قال لرجل: لا تقربنها ولأحد فيها شرط.

<<  <  ج: ص:  >  >>