للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآثار الشرعية المترتبة على صحة العقد على المبيع الغائب بالصفة عند المالكية:

يترتب على صحة العقد على المبيع الغائب الموصوف عند المالكية آثار عديدة منها:

أولًا لزوم البيع، أو عدم لزومه:

يصبح العقد المذكور لازما إذا وفى البائع بكافة الصفات المشروطة في المبيع، ولا يحق للمشتري الفسخ في هذه الحالة؛ حيث لم يحدث من البائع تخلف في المطلوب منه.

ويقع العقد غير لازم للمشتري إذا لم تتوافر في المبيع الصفات المشروطة في المبيع، وحينئذ فمن حقه فسخ العقد.

يقول أبو القاسم عبيد الله بن الحسين بن الجلاب البصري: " ولا بأس ببيع الأعيان الغائبة على الصفة، فإن وافقت الصفة لزم البيع فيها (ولم يكن للمشتري خيار الرؤية) (١) . وهذا هو المذهب، حكاه العلامة الحطاب قائلًا: " فرع: فإن وجد الغائب على الصفة المشترطة بموافقة المشتري أو شهدت بذلك بينة لزوم البيع وإلا فلا " (٢) .

يشترط المالكية شرطين ليكون العقد لازمًا في المبيع الغائب على الصفة هما:

١- إن لا يؤدي بعده المكاني إلى تغير صفاته، أو تعريضه للهلاك.

٢- أن تحصل رؤيته بشدة ومشقة كما ورد النص بهما في العبارة التالية:

" وشرط ما بيع غائبًا على اللزوم بوصف أمران: أشار إلى الأول بقوله (إن لم يبعد) جدًا بحيث يعلم، أو يظن أن المبيع يدرك على ما وصف، فإن بعد جدًا (كخراسان من إفريقية) من كل ما ظهر فيه التغير قبل إدراكه لم يجز، ويجري هذا الشرط أيضًا فيما بيع على رؤية سابقة، ومفهوم قولنا (على اللزوم) أن ما بيع على الخيار لا يشترط فيه ذلك، وهو كذلك.

وإلى الثاني بقوله: (ولم تمكن رؤيته بلا مشقة) بأن أمكنت بمشقة، فإن أمكنت بدونها بأن كان على أقل من يوم فلا يجوز بالوصف، لأن العدول عن الرؤية إلى الوصف غرر ومخاطرة، فهو شرط في الغائب المبيع على الصفة باللزوم فقط. . . " (٣) .


(١) التفريع، الطبعة الأولى، دراسة وتحقيق حسين بن سالم الدهماني، بيروت، دار الغرب الإسلامي: ٢ / ١٧٠.
(٢) مواهب الجليل شرح مختصر أبي الضياء خليل: ٤ / ٢٩٧.
(٣) الدردير، سيد أحمد، الشرح الكبير علي خليل، بيروت: دار الفكر: ٣ / ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>