للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" وبعد فإن لله العزيز سلطانه، العزيز بيانه، الحكيم برهانه، في كل حادثة حكمًا محكمًا، وفي كل نازلة قضاء مبرمًا، إما ظاهرًا جليًا، وإما مشكلاً خفيًا، تبعًا لمحله ظهورًا وبطونًا، وجلاء وكمونًا، وأن الفقهاء من العلماء الأعلام، أنصار ملة الإسلام، الذين هم هم، وقليل ما هم، رضي الله عنهم قد عنوا بأحكام قواعد الدين ومعاقده، وهدوا إلى استنباط أحكام جزئيات موضوعاتها مفترضين بأنوار أذنه وشواهده، ولم يفرطوا في شيء من ذلك حتى جمعوا بين نوافره وشوارده، وإن مما خفي حكمه حادثة أوراق البنك نوت، التي راجت رواج النقدين في أنحاء المعمورة وأطرافها، فضلاً عن أواسطها وعواصمها، حتى لم يبق سوقة ولا ملك، إلا وقعت في يده، وحلت محل نقده، بل استأثر بها أكثر الموسرين الماليين لخفتهما، وقلة مؤنتها، ولقد ولع الناس بالسؤال عنها، والبحث عن حكم الله فيها، هل تزكى زكاة النقد الذهب والفضة؟ ونزع من سئلوا عنها في الجواب عنه، فكانوا ما بين غريب غير نسيب، يرجم بالغيب ولا يصيب، وبين غريب نسيب، حقيق التحقيق أصيل، غير دخيل، غير أنه أضل السبيل، ولم يوفق لجواب يحل المسألة المشكلة كفيل.

وبالجملة قد وقعوا في بيداء تيها، وخبطوا خبط عشواء، إلى أن قيض الله عز وجل شأنه، وعلا سلطانه، وتمت كلمته، وبلغت حجته، من عترة نبيه الكريم، وأسرة رسوله العظيم، وذلك الموفق وهو الذي جنب الكسل وحبب إليه العمل:

<<  <  ج: ص:  >  >>