للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الثاني

أحكام تغير العملة بإطلاق

في الفقه الإسلامي

السيد محمد أمين عابدين

تقرير العلامة ابن عابدين الكبير صاحب حاشية رد المحتار على الدر المتوفي ١٢٥٢ هـ. في أحكام تغير قيمة العملة في المذهب الحنفي.

قال رحمه الله في رسالته "تنبيه الرقود على مسائل النقود" في مجموع رسائله:

"قال في الولوالجية في الفصل الخامس من كتاب البيوع: رجل اشترى ثوبًا بدراهم نقد البلدة، فانتقدها حتى تغيرت، فهذا على وجهين: إن كانت تلك الدارهم لا تروج اليوم في السوق أصلاً فسد البيع لأنه هلك الثمن، وإن كانت تروج لكن انتقص قيمتها لا يفسد لأنه لم يهلك وليس له إلا ذلك، وإن انقطع بحيث لا يقدرعليها، فعليه قيمتها في آخر يوم انقطع من الذهب والفضة هو المختار، ونظير هذا ما نص في كتاب الصرف: إذا اشترى شيئًا بالفلوس ثم كسدت قبل القبض بطل الشراء؛ يعني فسد ولو رجعت (١) لا يفسد".اهـ.

وفي جواهر الفتاوى قال القاضي الإمام الزاهدي أبو نصر الحسين بن علي: إذا باع شيئًا بنقد معلوم ثم كسد النقد قبل قبض الثمن فإنه يفسد البيع، ثم ينتظر إن كان المبيع قائمًا في يد المشتري يجب رده عليه، وإن كان خرج من ملكه بوجه من الوجوه، أو اتصل بزيادة بصنع من المشتري، أو أحدث فيه صنعة منقوصة مثل أن كان ثوبًا فخاطه، أو دخل في حيز الاستهلاك وتبدل الجنس، مثل أن كان حنطة فطحنها، أو سمسمًا فعصره، أو وسمة فضربها نيلاً؛ فإنه يجب عليه رد مثله إن كان من ذوات القيم كالثوب والحيوان، فإنه يجب قيمة المبيع يوم القبض من نقد كان موجودًا وقت البيع لم يكسد، ولو كان مكان البيع إجارة فإنه تبطل الإجارة، ويجب على المستأجر أجر المثل، وإن كان قرضًا أو مهرًا يجب رد مثله. هذا كله قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: يجب عليه قيمة النقد الذي وقع عليه العقد من النقد الآخر يوم التعامل. وقال محمد: يجب آخر ما انقطع من أيدي الناس. قال القاضي: الفتوى في المهر والقرض على قول أبي يوسف، وفيما سوى ذلك على قول أبي حنيفة. انتهى. وفي الفصل الخامس من التتارخانية: إذا اشترى شيئًا بدراهم من نقد البلد، ولم ينقد الدراهم حتى تغيرت، فإن كانت تلك الدراهم لا تروج اليوم في السوق فسد البيع، وإن كانت تروج لكن انتقصت قيمتها لا يفسد البيع. وقال في الخانية: لم يكن له إلا ذلك. وعن أبي يوسف: أن له أن يفسخ البيع في نقصان القيمة أيضًا، وإن انقطعت تلك الدراهم اليوم كان عليه قيمة الدراهم قبل الانقطاع عند محمد، وعليه الفتوى.


(١) قوله: ولو رجعت أي نقص ثمنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>