للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي عيون المسائل: عدم الرواج إنما يوجب الفساد إذا كان لا يروج في جميع البلدان؛ لأنه حينئذ يصير هالكًا، ويبقى المبيع بلا ثمن، فأما إذا كان لا يروج في هذه البلدة فقط فلا يفسد البيع؛ لأنه لا يملك ولكنه تعيب، وكان للبائع الخيار إن شاء قال: أعطني مثل الذي وقع عليه البيع، وإن شاء أخذ قيمة ذلك دنانير. انتهى. وتمامه فيها، وكذا في الفصل الرابع من الذخيرة البرهانية، والحاصل: أنها إما أن لا تروج، وإما أن تزيد قيمتها أو تنقص، فإن كانت كاسدة لا تروج يفسد البيع، وإن انقطعت فعليه قيمتها قبل الانقطاع، وإن زادت فالبيع على حاله ولا يتحيز المشتري كما سيأتي، وكذا إن انتقصت لا يفسد البيع، وللبائع غيرها. وما ذكرناه من التفرقة بين الكساد والانقطاع هو المفهوم مما قدمناه.

وذكر العلامة شيخ الإسلام محمد بن عبد الله الغزي التمرتاشي في رسالة سماها "بذل المجهود في مسألة تغير النقود: " اعلم أنه إذا اشترى بالدراهم التي غلب غشها أو بالفلوس، وكان كل منهما نافقًا حتى جاز البيع لقيام الاصطلاح على الثمنية، ولعدم الحاجة إلى الإشارة لالتحاقها بالثمن، ولم يسلمها المشترى للبائع، ثم كسدت؛ بطل البيع (و) الانقطاع عن أيدى الناس كالكساد، (و) حكم الدراهم كذلك، فإذا اشترى بالدراهم ثم كسدت أو انقطعت؛ بطل البيع، ويجب على المشتري رد المبيع إن كان قائمًا، ومثله إن كان مالكًا، وكان مثليًا، وإلا بقيمته، وإن لم يكن مقبوضًا فلا حكم لهذا البيع أصلاً، وهذا عند الإمام الأعظم وقال: لا يبطل البيع لأن المتعذر إنما هو التسليم بعد الكساد، وذلك لا يوجب الفساد لاحتمال الزوال بالرواج، كما لو اشترى شيئًا بالرطبة ثم انقطع، وإذا لم يبطل وتعذر تسليمه وجبت قيمته، لكن عند أبي يوسف يوم البيع، وعند محمد يوم الكساد، وهو آخر ما تعامل الناس بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>