ومن هنا فإن هذا المطلب سوف يستعرض واقع المؤسسة الوقفية في المملكة الأردنية الهاشمية، وأهم المشكلات التي تواجهها في على سبيل المثال، بالإضافة إلى بيان بعض الملاحظات المهمة المستقاة من البحث المشار إليه.
ومن أهم هذه الملاحظات تأكيد أن القانون الأساسي للإمارة ومن ثم دستور المملكة قد نصا على أن أمور الأوقاف وإدارة شؤونها المالية تنظيم بقانون خاص، إدراكاً من البداية على أن للوقف شخصيته المستقلة، وأنه لا يجوز أن تختلط أموال الأوقاف بالأموال العامة الأخرى، وإن جهة الوقف مستقلة تماماً عن غيرها من الجهات، هذا مع إعطاء جهة الوقف وأمواله كل الميزات التي تتمتع بها الأموال العامة والمصالح الحكومية، وهذا وعي تشريعي مبكر أدرك طبيعة الوقف وقدم له كل ما يضمن أداءه لرسالته وأهدافه في المجتمع، مع ضمان استقلاله وتقديم كل المعالجات التي تحفظه وتحميه من الاعتداء والتضييع في غير ما أراده الواقفون.
وقد نص دستور المملكة في المادة (١٠٧) منه على: "يعين بقانون خاص كيفية تنظيم أمور الأوقاف الإسلامية وإدارة شؤونها المالية وغير ذلك ".
كما نص في المادة (١٠٥) على أن للمحاكم الشرعية وحدها حق القضاء وفق قوانينها الخاصة في عدد من الأمور؛ ذكر منها الدستور الأمور المختصة بالأوقاف الإسلامية، وفي المادة (١٠٦) نص الدستور على أن المحاكم الشرعية تطبق في قضائها أحكام الشرع الشريف.
وقد بين قانون أصول المحاكمات الشرعية لسنة ١٩٥٩م بالتفصيل في المادة الثانية منه، الأمور التي تختص المحاكم الشرعية بالنظر فيها في مجال الأوقاف، والتي تشمل إنشاء الوقف من قبل المسلمين وشروطه والتولية عليه واستبداله وما له علاقة بإدارته الداخلية، وكذلك الدعاوى المتعلقة بالنزاع بين وقفين، أو بصحة الوقف وما يترتب عليه من حقوق..إلخ.
ويعتبر القانون الخاص بالأوقاف الذي صدر سنة ١٩٦٦م محققاً لنقلة كبيرة في تنظيم قطاع الأوقاف.
وقد تولت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية إدارة الأوقاف الإسلامية الخيرية وتنظيم أمورها، وذلك يشمل الأوقاف المسجلة وقفيتها في دائرة الأراضي والمساحة، والأوقاف التي تسجل مباشرة وقفاً باسم الوزارة، أو يجري ذلك عن طريق تسجيل وقفيتها في المحاكم الشرعية، ثم يجري تثبيت ذلك في دائرة الأراضي والمساحة، أو يجري تثبيت وقفيتها عند إجراء أعمال التسوية وتسجيل الأراضي لمالكيها، وذلك بأن يتم إثبات وقفيتها السابقة للتسجيل.
أما الأوقاف الذرية فيقوم متولوها بإدارتها بإشراف القضاء الشرعي، وقد جرى القضاء على أنه إذا اختلف المستحقون في الوقف الذري أو الأهلي مع المتولي، ولم يتمكن القاضي الشرعي من معالجة الأمر فإنه ينيط عملية الولاية على الوقف الذري بإدارة الأوقاف الإسلامية، كما حدث مع كثير من الأوقاف الذرية في مدينة القدس الشريف.