للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانية: أنه يجوز له أن يييع أو يهب قبل مجيء الوقت- وعليه الفتوى- وينفذ البيع وتبطل الإجارة، وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني.

*وأرى رجحان القول بلزوم عقد الإجارة إذا كان مضافا إلى زمن مستقبل في كلتا الصورتين، وذلك لأن القول بعدم لزوم العقد، مع أن عقد الإجارة من العقود اللازمة، يترتب عليه الخروج عن حكم عقد الإجارة، وهو أنه عقد لازم، وأيضا فإن القول بعدم لزومه يترتب عليه ضرر كبير بالمستأجر، ويضيع عليه فرصة الحصول على هذه المنفعة في هذا الوقت المحدد لعقد الإجارة، وذلك يضر بمصالحه ضررا بليغا، فضلا عن أنه يخالف عموم ما قضى به الكتاب والسنة؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] .

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما)) (١) .

المسألة الثانية عند الحنفية: أن إضافة فسخ الإجارة إلى زمن مستقبل صحيحة.

جاء في نفس المرجع: (وقال شمس الأئمة السرخسي - رحمه الله تعالى-: قال بعض أصحابنا رحمهم الله تعالى: إضافة الفسخ إلى مجيء الشهر، وغير ذلك من الأوقات صحيح، وتعليق الفسخ بمجيء الشهر، وغير ذلك لا يصح. والفتوى على قوله كذا في فتاوى قاضي خان) .

*وهنا يفرق المذهب في الحكم بين صيغتين من صيغ الفسخ:

الأولى: إذا قال: آجرتك هذه الدار، وفسختها أول شهر كذا المقبل، فإنه يصح.

الثانية: إذا قال: إذا جاء أول شهر كذا فقد فسخت الإجارة، فهذه الصورة لا يصح فيها تعليق الفسخ.

ونص المالكية على أن: (من أجر حيوانا أو غيره مدة معلومة كشهر أو سنة، يجوز له أن يؤاجره قبل انقضائها مدة تلي مدة الإجارة الأولى للمستأجر الأول، أو لغيره، ما لم يَجْرِ عرف بعدم إيجارها إلا للأول، كـ الأحكار في مصر، وإلا عمل بالعرف، لأن العرف كالشرط) (٢) .


(١) (رواه الترمذي عن عمرو بن عوف المزني، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه أبو داود)
(٢) (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ٤/ ١٠؛ الشرح الصغير: ٤/ ٢٣؛ والخرشي: ٧/ ١٠؛ ومواهب الجليل للحطاب: ٥/ ٤٠٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>