للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استحقاق الربح:

يحكم استحقاق الربح عند العلماء أصلان متفق عليهما، هما:

أ - إن الربح وقاية لرأس المال: (١) فلو حدثت خسارة فإنها تجبر بالربح المتحقق في فترات لاحقة أو سابقة، ما أمكن ذلك؛ إلا أن يقبض المال صاحبه، ثم يرده إلى العامل ويقول له: اعمل به ثانية، فما ربح بعد ذلك لا تجبر به وضيعة الأول. وكذلك الحال لو لم يسحب صاحب المال رأس ماله بعد خسارة بنسبة معينة، وتحاسبًا على ذلك، ثم عَنَّ له أن يستمر في المضاربة (بعد المحاسبة) ، فإن أي ربح يتحقق بعد ذلك يوزع بالكامل بين الطرفين حسب ما اتفقا، ولا تجبر به الخسارة المتحققة خلال الفترة السابقة.

ب - إن العامل لا يملك حق التصرف في نصيبه من الربح إلا بعد نض المال: (٢) .

يملك حصته من الربح بالقسمة لا بالظهور، لأنه لو ملك به لكان شريكًا في المال، ولأن سبب الاستحقاق العمل، فلا يستحق نصيبه إلا بعده (٣) .

وقالت الحنفية: إنما يظهر الربح بالقسمة، وشرط جواز القسمة قبض رأس المال، فلا تصح قسمة الربح قبل قبض رأس المال، وإذا اقتسما الربح ورأس المال في يد المضارب لم يقبضه رب المال، ثم هلك رأس المال في يد المضارب، فإن القسمة الأولى لا تصح، وما قبض رب المال فهو محسوب عليه من رأس ماله، وما قبضه المضارب دين عليه برده إلى رب المال حتى يستوفي رب المال رأس ماله.

أما الحنابلة فإنهم يرون أن العامل يملك حصته في الربح بالظهور لا بالقسمة لأن في مقدوره المطالبة بها في أي وقت، إلا أن ملكه على حصته غير مستقر حتى يتم التحاسب ونض المال، فلو وقعت خسارة قبل المحاسبة جبرت بالربح المحقق قبل أو بعد ذلك، حيث يظل ما قبضه العامل من ربح كدين عليه لصاحب رأس المال حتى يستوفي رأسماله ويقبضه (٤) .


(١) الرملي، نهاية المحتاج: ٥/ ٢٣٦ النووي، الروضة: ٥/ ١٣٦؛ ابن قدامة، المغني: ٥/ ٤١؛ البهوتي، شرح منتهى الإرادات: ٢/ ٢٢٢.
(٢) شمس الدين الرملي، نهاية المحتاج: ٥/ ٢٣٧، النووي الروضة: ٥/ ١٣٦، ابن رشد الحفيد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد: ٢/ ٢٤٠، ابن قدامة، المغني: ٥/ ٤١، البهوتي، شرح منتهى الإرادات: ٢/ ٢٢٢؛ الكاساني، بدائع الصنائع: ٨/ ٣٦٥٢.
(٣) شمس الدين الرملي، نهاية المحتاج: ٥/ ٢٣٦، القرافي، الذخيرة: ٦/ ٨٩.
(٤) ابن قدامة، المغني: ٥/ ٤١، الكاساني، بدائع الصنائع: ٨/ ٣٦٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>