للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك يمكن الاستنتاج بأن استخدام نظام النمر في البنوك الإسلامية تأباه الأحكام الخاصة بمنع الخلط في وعاء المضاربة بعد بدأ النشاط (المالكية ـ الشافعية ـ الحنابلة) كما أن استخدامه وفقًا لما ذهب إليه الفقهاء من الحنفية من جواز الخلط بعد بدء النشاط، يعارضه اشتراط الحنفية أنفسهم بضرورة النض الفعلي (وليس الحكمي) للمال، وهو أمر بعيد عما تطبقه البنوك الإسلامية حاليًا، وبالتالي يصبح استخدامه غير ذي جدوى، وما يترجح لدي في هذا الشأن هو عدم استخدام هذا النظام سدًّا للذرائع، ولضرورة الأخذ بما ذهب إليه جمهور كل من المالكية والشافعية والحنابلة من عدم جواز الخلط بين أموال المودعين.

وتبرير ذلك هو أن استخدام هذا النظام في ظل السماح بخلط أموال المودعين والسماح لهم بالسحب في أي وقت، قد يؤدي في بعض الحالات إلى تجرد الأموال المودعة والمسحوبة من أي صلة تربط بينها وبين النتائج الحقيقة للأنشطة التي يحققها البنك، وكذا إلى تجرد التبادل النقدي الذي يتم بين البنك وعملائه من (السلعة) ، التي هي المحك الأساسي للفارق بين أنشطة البيع، وبين التعامل بالصرف، فلا يتبقى بعد ذلك من روابط تربط التعامل النقدي بين البنك وعملائه، إلا عنصر الزمن. فإذا تعهد البنك باستخدام هذا النظام، وسمح لعملائه باسترداد أموالهم في أي وقت، فإن ذلك يعني بطريقة غير مباشرة، ضمان البنك للأموال المودعة لديه في معظم الوقت، وهو شرط ينافي مقتضى عقد المضاربة، ويؤدي إلى وقوع التعامل بين البنك وعملائه في دائرة بيع العينة أو الربا، ألا ترى أن من المؤسسات المالية من يستخدم هذا النظام حاليًا لتمويل بعض الاحتياجات اليومية للشركات الصناعية تحت مسمى المشاركة المتناقضة، وعقد الشركة بريء من هذا التمويل براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>