للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البنك كأمين الاستثمار (الحل المقترح) :

تأسيسًا على كل ما سبق، فإنه يمكن استنتاج نموذجين لتعامل البنك الإسلامي مع عملائه، وذلك على النحو التالي:

النموذج الأول:

لما كان التكييف الفقهي للودائع الاستثمارية التي يودعها عملاء البنوك الإسلامية ينبني على عقد شركة المضاربة، وأن هذا النوع من الودائع يعتبر المصدر الغالب للأموال التي يتعامل بها البنك، فمن الطبيعي أن ينعكس هذا التكييف على الشكل العام (الشرعي والقانوني) للبنك نفسه، فيأخذ بدوره شكل شركة المضاربة، ويقوم البنك في هذه الحالة بدور المضارب، بينما يعتبر المودعون كأصحاب رأس المال. وأخذًا برأي المذهب الحنبلي الذي يجيز مشاركة عامل المضاربة بحصة في رأس مال الشركة، علاوة على ما يقوم به من أعباء إدارية (١) ، فإن ذلك يصل بالبنك الإسلامي إلى هيكل مشابه للهيكل الحالي الذي يمارس من خلاله أوجه النشاط المختلفة.

إلا أن على البنك في هذه الحالة الالتزام بكل من الآتي:

١- عدم خلط رؤوس أموال المودعين بعد البدء في النشاط، وذلك أخذًا برأي جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة، على النحو الذي فصلناه في المبحث الأول من هذا البحث.

٢- عدم استخدام نظام النمر في توزيع الربح بين الأطراف المتعاقدة.

٣- إنشاء أوعية استثمارية مختلفة في نوعياتها وفي آجالها. ليتم دعوة المدخرين للاكتتاب فيها، على أن يكون لكل وعاء منها بداية ونهاية محددة الآجل. فلا يسمح بخلط أموال جديدة عن طريق التدفق المستمر للودائع، كما هو متبع حاليًا في جميع البنوك الإسلامية، وبذلك يستقل كل صندوق بنتيجة نشاطه، سواء كانت ربحًا أو خسارة، دون أن يختلط ذلك بنتائج الأوعية الأخرى.

٤- يقوم البنك في كل وعاء من هذه الأوعية بدور المضارب، حيث يتولى القيام بجميع الأعمال الاستثمارية المتعلقة بكل وعاء بصفة مستقلة، ويشترط في هذه الحالة قيام البنك بأعمال التجارة الحقيقية: بشراء البضائع لنفسه (وليس للمشتري) وتخزينها في مخازنه (وبصفة خاصة إذا كانت طعامًا) .


(١) انظر على سبيل المثال: ابن قدامة المقدسي، المغني: ٥/ ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>