للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفضلًا عن ذلك، فإن إطلاق مصطلح المضاربة الخاصة على المضاربة التي تكون العلاقة فيها ثنائية، وإطلاق مصطلح المضاربة المشتركة على المضاربة التي تكون العلاقة فيها ثلاثية، لا يستند إلى دليل علمي رصين، ذلك لأن العلاقة في المضاربة سواء أكانت خاصة (بالمفهوم المستحدث أو القديم) أم مشتركة (بالمفهوم الجديد) ثنائية وليست ثلاثية كما يظن البعض، نعني أن المضاربة لا تنعقد إلا بين عامل (متعدد أو غير متعدد) ورب مال (= متعدد وغير متعدد) وأما العقود الأخرى التي تعقد بعد انعقاد عقد المضاربة (الخاصة أو المشتركة) فإنها غير داخلة في عقد المضاربة، وتعتبر عقودًا منفصلة عن عقد المضاربة الأصلي الذي يتم إبرامه بين المؤسسة المالية وبين المودعين بصورة مستقلة، مما يعني أن العلاقة كانت وستظل ثنائية وليست ثلاثية.

سابعًا: إن استخدام بعض الباحثين المحدثين مصطلح المضاربة الجماعية مقابل المضاربة الفردية هو الآخر محل نقد ونظر، ذلك لأن الجماعية في المضاربة كما تكون على مستوى العامل، يمكن لها أن تكون على مستوى رب المال، فإن هذه المضاربة تعتبر مضاربة جماعية باعتبار تعدد العامل فيها، وكذلك الحال في تعدد رب المال دون العامل، نعني أنه إذا تعدد رب المال، ولم يتعدد العامل، فإن المضاربة يمكن وصفها أيضًا بأنها مضاربة جماعية من هذا الباب، وإضافة إلى هذا، فإنه من الوارد أن يتعدد العامل ويتعدد رب المال، كأن يكون هنالك أكثر من رب مال واحد وأكثر من عامل واحد، فإن المضاربة تعتبر في هذه الحالة أيضًا مضاربة جماعية، وبناء على هذا، فإن استخدام لفظ الجماعية وصفًا لذلك النوع من المضاربة الذي تمارسه المؤسسات المالية الإسلامية المعاصرة محل نقد ونظر لأن الجماعية لا تنحصر في تعددية رب المال، وإنما تنتظم تعددية العامل طورًا، وتعددية رب المال حينًا، وتعددية العامل ورب المال حينًا آخر.

ولهذا، فإن تخصيص جماعية المضاربة بالحالة التي يتعدد فيها رب المال، تخصيص غير علمي وغير مستند إلى دليل منطقي مقبول، وكل هذا يؤكد أن عزوف الأقدمين عن تقسيم المضاربة إلى فردية أو جماعية كان مقصودًا أو مبنيًا على إدراك دقيق بأن التقسيم إن كان لا بد منه، فإنه ينبغي أن يتمركز حول الآثار والنتائج التي تنتج عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>