للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسًا: إن التقسيم الفقهي القديم للمضاربة تجاوز الاعتداد بتعدد العامل أو بتعدد رب المال مقررًا أو مؤكدًا بطريقة غير مباشرة على أن تعدد رب المال أو تعدد العامل في المضاربة لا يغيران في حقيقة الأمر من طبيعة عقد المضاربة، فإذا تعدد رب المال أو تعدد العامل في المضاربة، فإن لذلك التعدد حكمه الخاص بكل حالة منهما، مما يعني أن التعدد في العامل أو رب المال، لا يوجب ـ بأي حال من الأحوال ـ تصنيف المضاربة إلى مضاربة مشتركة ومضاربة خاصة، وخاصة أن التعدد في رب المال أو في العامل، ليس شأنًا جديدًا غير مألوف للفقهاء القدامى كما ذهب إلى ذلك كثير من الباحثين المعاصرين، بل إنهم تناولوا الأحكام المتعلقة بتعدد رب المال وبتعدد العامل، ولكنهم أعرضوا عن تصنيف المضاربة بسبب تعدد رب المال أو العامل إلى مضاربة خاصة ومضاربة جماعية، وبناء على هذا، فإنه ليس ثمة ضرورة علمية ولا موضوعية إلى تقسيم المضاربة إلى مشتركة وغير مشتركة انطلاقًا من تعدد العامل أو تعدد رب المال.

سادسًا: إذا كان لكل فن لغته ومصطلحاته، وكان الحري بالباحث النزيه الالتزام بلغات الفنون والعلوم والمعارف، لذلك، فإن عودة مباركة إلى المدونات الفقهية تهدينا إلى تقرير القول بأن مصطلح المضاربة الخاصة كانوا يطلقونه مقابل مصطلح المضاربة العامة، وقد مر بنا تعريف كل واحد منهما. وبناء على هذا، فإن إطلاق بعض الباحثين المعاصرين مصطلح المضاربة الخاصة مقابل المضاربة المشتركة، يعتبر ذلك خروجًا واعتداء على المعهود الاصطلاحي الفقهي، كما يعتبر ذلك مصادرة متعمدة للمعنى العلمي المتواتر لدى الفقهاء لمصطلح المضاربة الخاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>