للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- حكم بيع المساجد:

إن المواضع التي يصلي فيها المسلمون في البلاد الغربية على قسمين:

الأول: ما يتخذونه موضع صلاة للمسلمين، ومحل اجتماعاتهم الدينية، دون أن يجعلوه مسجدًا فقهيًا، بأن يقفوا ذلك المحل والبناء كمسجد، ولذلك ربما يسمونها "المركز الإسلامي" أو "دار صلاة" أو "دار جماعة" ولا يسمونه مسجدًا.

وأن الأمر في مثل هذه المواضع سهل ميسور، لأنها وإن كانت تستعمل للصلاة فيها، ليست مساجد شرعية، لأن أهلها لم يجعلوها مسجدًا، فكلما أراد أهلها أن يبيعوا هذه المواضع لصالح المسلمين جاز لهم ذلك بالإجماع.

والثاني: ما اتخذوه مسجدًا شرعيًا، وجعلوا أرضه وقفًا كمسجد، فالحكم في مثل ذلك عند جمهور الفقهاء أن هذا المكان يبقى مسجدًا إلى قيام الساعة، ولا يجوز بيعه في حال من الأحوال، ولا يرجع إلى ملك واقفه أبدًا، وهذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأبي يوسف رحمهم الله تعالى.

يقول الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله: "ولو انهدم مسجد، وتعذرت إعادته أو تعطل بخراب البلد مثلًا، لم يعد ملكًا، ولم يبع بحال، كالعبد إذا عتق، ثم زمن، ولم ينقض إن لم يخف عليه لإمكان الصلاة فيه، ولإمكان عوده كما كان.. فإن خيف عليه نقض، وبنى الحاكم بنقضه مسجدًا آخر إن رأى ذلك وإلا حفظه، وبناؤه بقربه أولى، ولا يبنى به بئرًا".

ويقول المواق من فقهاء المالكية: "ابن عرفة من المدونة وغيرها: يمنع ما خرب من ربع الحبس مطلقًا،.. وعبارة الرسالة: ولا يباع الحبس وإن خرب.. وفي الطرر عن ابن عبد الغفور: لا يجوز بيع مواضع المسجد الخربة، لأنها وقف، ولا بأس ببيع نقضها".

وجاء في الهداية من كتب الفقه الحنفي: "ومن اتخذ أرضه مسجدًا لم يكن له أني رجع فيه، ولا يبيعه ولا يورث عنه، لأنه تجرد عن حق العباد، وصار خالصًا لله، وهذا لأن الأشياء كلها لله تعالى، وإذا أسقط العقد ما ثبت له من الحق رجع إلى أصله، فانقطع تصرفه عنه، كما في الإعتاق، ولو خرب ما حول المسجد واستغنى عنه يبقى مسجدًا عند أبي يوسف لأنه إسقاط منه، فلا يعود إلى ملكه" (المداية مع فتح القدير: ٥/ ٤٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>