للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما هو محض عصيان، وخروج عن طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ارتكبوه بذلك من وجوه المفاسد التي لا يرضى الله بها من شق عصا الإسلام في هذا الوطن الغريب، وتفريق أمره بعد ما كان مجتمعًا، وإيقاد نار الفتنة، وإلقاء العداوة والبغضاء بسببها في قلوب المسلمين وإفساد ذات البين التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما هي الحالقة)) مع ما في ذلك من توهين المسلمين وإطماع العدو الكافر في استئصال بيضتهم، واستباحة حريمهم، وكل ذلك محرم بكتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع العلماء فإلى غير ذلك من وجوه المعاطب التي لا تخفر وأن ركونهم إلى الكفار واستنصارهم بهم، لا يخفى أنهم داخلون به في وعيد قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وقال سبحانه في الآية الأخرى {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} ، وأن تجديد بيعتهم للأمير المأسور، إصرارًا على ما ذكر من المعاصي والمحرمات، وتأكيدا لما ارتكبوه من الجرائم والسيئات، فمن آواهم أو أعانهم بقول أو فعل، فهو معين على معصية الله تعالى، ومخالف لسنة رسوله، ومن هوى فعلهم أو أحب ظهورهم، فقد أحب أن يُعصى الله في أرضه بأعظم العصيان، هذا ما داموا مصرين على فعلهم، فإن تابوا ورجعوا عما هم عليه من الشقاق والخلاف، فالواجب على المسلمين قبولهم، لأن الله تعالى يقول: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} نسأل الله أن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شر نفوسنا، وأن يصلح ذات بيننا أنه ولي ذلك والقادر عليه، ومن أشهده السادات المذكورون فيه، بما سطر وكتب عنهم من الجواب على السؤال المنبه عليه، وأنهم قائلون به، وصادر عنهم ولا خفاء بمعرفتهم وهم بحال كما الإشهاد قيد بذلك شهادته في أواسط شهر رمضان المعظم، عام ثمانية وثمانين وثمانمائة عرفنا الله خيره، محمد بن شهد ومحمد بن علي بن شهد، أعلم بثبوته محمد بن علي الأصبحي، وفقه الله وكان له انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>