للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذ قد اختلف العلماء فيمن يوالي النصارى اليهود ويدخل في حلف معهم هل هو مرتد أو لا؟ وإذ قد تجاوزنا العهد الاستعماري الذي كان التجنس فيه مفضيًا لذوبان الأمة الإسلامية وفقد شخصيتها ونظرًا لما حققه الشاطبي من اختلاف الحكم يبن الجزئية المنفردة وبين الكلية العامة، وأن المباح بالجزء قد يصير واجبًا بالكل.

وانظر خاصة المسألة السادسة في الأوامر والنواهي في قوله: وأما المنهيات فإنك تجده قد جعل اتخاذ الكافرين أولياء والرضى بحكم الطاغوت والوهن بالأعداء والخيانة من النواهي التي لما بلغ بها نص الشارع الغاية من الترهيب فليس ذلك دليلًا على أن جزئياتها على وزان واحد بل هي محل اجتهاد (٣/ ١٣٦ – ١٤٤) .

لذلك كله فالذي مرجح عندي أن التجنس بجنسية دولة غير إسلامية معصية لا تبلغ درجة الردة إذا كان إقدامه على ذلك تسوية لأوضاعه المادية مع اقتناعه وإيمانه أن الإسلام هو الدين الوحيد وأنه يغضب الله من كل من يحاول النيل من الإسلام أو التطاول عليه، أما إذا كان أمر الدين عنده لا يوازي مصالحه وأنه متهاون به لا يشعر برابطة بينه وبين دينه إلا رابطة تاريخية ضعيفة الأثر فلا شك عندي في ارتداده، وخروجه من الملة.

على أن القسم الأول مطالب بأن يحرص على تلقين أبنائه أصول الإسلام وأن يحرص على إقامة شعائرهم معهم وأن لا يتهاون في هذا الأمر، ليكون ما في يقوله بلسانه مصدقًا بأعماله مع دعوته إلى العمل على الإقلاع عن المعصية والتوبة والعزم على عدم العودة بالإسراع للانسلاخ من الجنسية التي اكتسبها إن كان يحمل جنسية واحدة أو بالرجوع إلى بلده الأصلي إن كان يحمل جنسيتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>