للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثالث

الذين يتعرضون إلى الفتنة في حياتهم سجنًا وقتلًا أو في عائلاتهم تشريدًا وتتبعًا أو في أموالهم استصفاء فهؤلاء يجوز لهم أن يتجنسوا بجنسية غير إسلامية إذ لم يجدوا بلدًا إسلاميًا يقبلهم ويحميهم {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} .

قال ابن العربي: قسم العلماء رضي الله عنهم الذهاب من الأرض قسمين: هربًا وطلبًا.

فالأول: ينقسم إلى ستة أقسام:

الأول: الهجرة وهي الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام وكان فرضًا من أيام النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الهجرة باقية مفروضة إلى يوم القيامة، والتي انقطعت بالفتح هي القصد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان من أسلم في دار الحرب وجب عليه الخروج إلى دار الإسلام، فإن بقي في دار الحرب عصى ويختلف في حاله.

الثاني: الخروج من أرض البدعة، قال ابن القاسم: سمعت مالكًا يقول لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يسب فيها السلف، قال ابن العربي: وهذا صحيح فإن المنكر إذا لم تقدر أن تغيره فزل عنه، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} قوله (الظالمين) .

الثالث: الخروج من أرض غلب عليها الحرام فإن طلب الحلال فرض على كل مسلم.

الرابع: الفرار من الأذية في البدن وذلك فضل من الله رخص فيه، فإذا خشي على نفسه أذن الله في الخروج عنه والفرار بنفسه ليخلصها من ذلك المحذور.

وأول من فعله إبراهيم عليه السلام فإنه لما خاف من قومه قال: {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} وقال {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} وقال عن موسى {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} .

الخامس: خوف المرض في البلاد الوخمة والخروج منها إلى الأرض النزهة وقد أذن الله للرعاة حين استوخموا المدينة أن يخرجوا إلى المسرح فيكونوا فيه حتى يصحوا وقد استثنى من ذلك الخروج من الطاعون فمنع الله منه بالحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بيد أن علماءنا قالوا: هو مكروه.

<<  <  ج: ص:  >  >>