للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس: الفرار خوف الأذية في المال فإن حرمة مال المسلم كحرمة دمه.

والأهل مثله وأوكد – (القرطبي: ٥/ ٣٥٠) .

وذكر ابن قدامة: أن الناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:

أحدها: من تجب عليه وهو يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار فهذا تجب عليه الهجرة لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله تعالى {مَصِيرًا} وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

الثاني: من لا تجب عليه، وهو من يعجز عنها إما لمرض أو إكراه على الإقامة أو ضعف لقوله تعالى {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} .

الثالث: من تستحب له ولا تجب عليه وهو من يقدر عليها لكن يتمكن من إظهار دينه وإقامته في دار الكفر فتستحب له يتمكن من جهادهم وتكثير المسلمين وعمومتهم ويتخلص من تكثير الكفار ومخالطتهم ورؤية المنكر بينهم ولا تجب عليه لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة وقد كان العباس مقيمًا بمكة مع إسلامه (المغني: ٢/ ٤٥٧) .

إن ما ذكره ابن العربي في القسم الرابع والسادس يبين لنا أن الملتجيء إلى دولة غير إسلامية حفاظًا على نفسه أو ماله لا يعد عاصيًا فضلًا عن كونه كافرًا وإذا كان أمنه لا يتم إلا بتجنسه كان له أن يتجنس مع شد عزمه على تحين أول فرصة يستطيع فيها أن يعش آمنًا في ديار الإسلام ليغتنمها، ذلك أن هذا قد أبيح له كضرورة تقدر بقدرها وعلى المضطر أن يجتهد للخروج من حالة الاستثناء.

والمنطبق على المتجنس في دار الكفر من تقسيم صاحب المغني هو القسم الثاني وليس الثالث ذلك أن المتجنس في بلاد الكفر لا يتمكن من إقامة دينه في جميع أحكامه وإن كانت بعض الأحكام في بلاد الإسلام لا يقرها الإسلام إلا أن الشعائر الدينية معلنة والمجتمع إسلامي يؤثر في تربية الأطفال.

<<  <  ج: ص:  >  >>