للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحديث المروي بإسناد ضعيف عن عمرو بن شعيب عن جده فحسبنا ما قبل فيه وما نقلناه عن المذهب المالكي: فمن أسلمت بعد البناء بها هو ما ذهب جمهور الفقهاء والأمصار خلافًا لأهل الكوفة في قولهم: هذا حكم الحربيين دون الوثنين وأهل الذمة فإن أسلمت منهم المرأة قبل عرض عليه (أي الإسلام) فإن أسلم في الوقت فهو أحق بها، وإن لم يسلم عجل التفريق بينهما.

والدليل على ما نقوله: أن هذا كفر يمنع استدامة النكاح فكان حكمه موقوفًا على إسلام ككفر الكتابيين الحربيين" (١) وخلافًا للنخعي الذي شذ عن جمهور الفقهاء فلم يتبعه أحد زعم أنها ترد إلى زوجها وإن طالت المدة لما روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((رد زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع بعد ست سنين بالنكاح الأول ولم يحدث نكاحًا)) أي يكون الزوج أملك لحق الزوجية وإن طالت المدة (٢)

وقد ذهب ابن القيم مذهبًا آخر فقال ما ملخصه: إن اعتبار العدة مجال لإقرار الزوجية بين الزوجة التي أسلمت وتأخر إسلام زوجها عن إسلامها لا نعرفه في شيء من الأحاديث ولا نعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل امرأة أسلمت وتأخر إسلام زوجها عنها هل انقضت عدتك أم لا؟ ولو كان مجرد الإسلام فرقة لكان فرقة بائنة لا رجعة فيها فلا يكون للعدة أثر في بقاء النكاح الأول، وإنما أثرها في صنع نكاحا لغير زوجها الأول فلو كان الإسلام قد نجز الفرقة بينهما لم يكن أحق بها في العدة، ولكن الذي دل عليه حكمه صلى الله عليه وآله وسلم أن النكاح موقوف، فإن أسلم قبل انقضاء عدتها فهي زوجته، وإن انتهت العدة فهي بالخيار إن شاءت تزوجت غيره، وإن شاءت انتظرته، فإن أسلم لم يحتج إلى إحداث زواج جديد، وحسبه زواجه الأول ولا نعلم أحدًا ممن أسلم بعد إسلام زوجته جدد إسلامه البتة.


(١) المنتقى: بتصرف
(٢) الصنعاني، سبل السلام: ٣/ ١٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>