للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال الخامس

ما حكم دفن المسلم في مقابر غير المسلمين حيث لا يسمح بالدفن خارج المقابر المعدة لذلك، ولا توجد مقابر خاصة بالمسلمين في معظم الولايات الأمريكية، والأقطار الأوربية؟

وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد والله الملهم للصواب فأقول: إن الدفن للمسلم في مقابر الكفار في الظروف العادية، ومع الاختيار محرم، وإن حصل وجب التداول ما لم يخش التغير، جاء في العتبية أن ابن القاسم سئل عن امرأة نصرانية قال لها ختنها: أسلمي يا فلانة. فقالت: نعم، وأمرت بغسل ثيابها، وقالت كيف أقول؟ قال: قلت لها: قولي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته، فقالت كل هذا، ثم ماتت، فدفنت في قبور النصارى.

وقال ابن القاسم: اذهب فانبشها، ثم غسلوها، وصلوا عليها، إلا أن تكون قد تغيرت (١)

قال ابن رشد في شرحه عليها المسمى بـ "البيان والتحصيل" وهذا كما قال لأن الكفار يعذبون في قبورهم وهي تتأذى من أجل ذلك لمجاورتهم، فواجب أن تنبش وتحول إلى مقابر المسلمين (٢) وإلى هذه المسألة أشار خليل بن إسحاق في مختصره وقال عاطفًا على ما يتدارك بعد الدفن بالنبش، "ودفن من أسلم بمقبرة الكفار، إن لم يخف التغير" (٣) وقد صرح سيدي عبد الباقي الزرقاني في شرحه عليه بأن التدارك هنا واجب ما لم يخش التغير (٤)

وذكر الشيخ سليمان الجمل من فقهاء الشافعية أنه إذا مات مسلم بالبحر في سفينة والساحل بعيد، أو به مانع فيجب غسله، وتكفينه، والصلاة عليه، ثم يجعل ندبًا بين لوحين لئلا ينتفخ ثم يلقى لينبذه البحر إلى الساحل وإن كان أهله كفارًا، لاحتمال أن يجده مسلم فيدفنه، ويجوز أن يثقل لينزل إلى القرار وإن كان أهل البر مسلمين.


(١) البيان والتحصيل: ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٦
(٢) البيان والتحصيل: ٢/ ٢٥٥ – ٢٥٦
(٣) المختصر: ٤٧
(٤) شرح المختصر: ٢/ ١٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>