للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- سد ذريعة التطرق إلى بيع الأوقاف بدعوى الخراب.

ولا يمكن أن يتأول موقف السلف بحال، جاء عن مالك بكتاب ابن المواز: "وما خرب من الحبس فأراد صاحبه بيعه، والاتخاذ بثمنه ما هو أفضل منه، أو انتقل أهل تلك الناحية، وبطل الموضع فأراد صاحبه، أو من هو بيده بحبس، أو بحوزه أو ولاية بيعه، والاشتراء بثمنه في موضع ظاهر عامر يكون حبسًا لا يجوز له ذلك في الرباع بحال وإن ذهب به الزمان أو العدو (١)

بقي أن سلف المالكية استثنوا من الحكم السابق أرضًا بجوار المسجد يعني محبسة احتيج إليها لتوسعة المسجد أو الطريق، قال ابن جزي: العقار لا يجوز بيعه إلا أن يكون مسجدًا تحيط به دور محبسة، فلا بأس أن يشتري منها ليوسع به، والطريق كالمسجد في ذلك، وقيل: إن ذلك في مساجد الأمصار لا في مساجد القبائل (٢)

ورأى المتأخرون من المالكية جواز بيع الأحباس الأصول إذا خربت وتعطلت منفعتها، وتعويضًا بأصل آخر وجعله حبسًا عوضًا عنها، وكثرت فتاواهم بذلك فقد أفتى أبو عبد الله محمد الحفار ببيع فدان محبس على مصرف من مصاريف البر لا منفعة فيه: أن يباع ويشترى بثمنه فدان آخر يحبس وتصرف غلته في المصرف الذي حبس عليه الأول على ما أفتى به كثير من العلماء في هذا النحو، وأفتى ابن رشد في أرض محبسة عدمت منفعتها بسبب جيران: أن تباع ويعوض بثمنها ما فيه منفعة على ما قاله جماعة من العلماء في الربع المحبس إذا خرب، ويكون ذلك بحكم القاضي بعد أن يثبت أن المنفعة فيه، قاله محمد الحفار.


(١) يحيى الخطاب، رسالة في بيع الوقف إذا خرب: ٨
(٢) القوانين الفقهية: ٣٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>