للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال السادس

ما حكم بيع المسجد إذا انتقل المسلمون عن المنطقة التي هو فيها، وخيف تلفه أو الاستيلاء عليه، فكثيرًا ما يشتري المسلمون منزلًا ويحولونه مسجدًا فإذا انتقلت غالبية المسلمين من المنطقة لظروف العمل هجر المسجد أو أهمل، وقد يستولي عليه آخرون، ومن الممكن بيعه واستبداله بمسجد مؤسس في مكان فيه مسلمون فما حكم هذا البيع أو الاستبدال؟ إذا لم تتيسر فرصة استبداله بمسجد آخر فما أقرب الوجوه التي يجوز صرف ثمن المسجد فيها؟

وفي الجواب عن هذا السؤال أفيد –والله الموفق للصواب- سلف المالكية لا يرون بيع الأحباس الأصول والمسجد منها، قال خليل بن إسحاق في مختصره "لا عقار، وإن خرب، ونقض ولو بغير خرب" (١) عاطفا على ما لا يجوز.

وأدلتهم على ذلك ما يلي:

١- قوله عليه الصلاة والسلام حين قال له عمر: ((أصبحت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه فما تأمرني؟ إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها عمر على أن لا تباع ولا توهب ولا تورث)) (٢) الحديث رواه الجماعة.

٢- عمل السلف الصالح يدل على عدم جواز بيع الأحباس الأصول وإن خربت، جاء فيها: لو كان البيع يجوز فيها (أي الأصول) لما أغفله من مضي ولكن بقاؤه خربًا دليل على أن بيعه غير مستقيم، وبحسبك حجة قفي أمر قد كان متقادمًا بأن تأخذ منه ما جرى منه، فالأحباس قديمة ولم تزل وجل ما يوجد منها بالذي به، لم يزل يجري عليه فهو دليلها، فبقاء هذه خرابًا دليل على أن البيع فيها غير مستقيم، لأنه لو استقام لما أخطأ من مضى من صدر هذه الأمة، وما جهله من لم يعمل به حتى تركت خرابًا" (٣)

٣- إن ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه لا يجوز بيعه مع تعطلها كالمعتق.


(١) المختصر: ٢٤٩
(٢) ابن تيمية الجد، منتفى الأخبار، كتاب الوقف: ٦/ ١٢٧
(٣) سحنون، المدونة: ٦/ ١٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>