للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما قررته سابقًا من الخلاف بين المتقدمين والمتأخرين في حكم بيع الوقف الأصل إذا خرب وتعطلت منفعته أو قلت مقيدًا بما إذا لم يجعل الواقف للموقوف عليه بيعه، وإلا جاز بيعه بإطلاق، كما لو شرط الواقف بيعه لنفسه فيجوز له بيعه عملًا بالشرط قياسًا على شرط الرجوع في صدقته.

ومقيد أيضًا بغير المساجد عند المتأخرين منهم.

أما المساجد فلا يجوز بيعها بحال ولو خربت وتعطلت منفعتها، أو كان بجانبها جيران سوء، أو انتقلت العمارة عنها، قال ابن عسكر المالكي البغدادي في كتابه إرشاد السالك: "ولا يجوز بيع المسجد وإن انتقلت العمارة" (١) وقال القرطبي: ولا يجوز نقض المسجد ولا بيعه ولا تعطيله وإن خربت المحلة" (٢) وحكى ابن جزي الإجماع على ذلك (٣)

واختلفوا في بيع أنقاضها فعن ابن عبد الغفور: لا يجوز بيع مواضع المساجد الخربة، لأنها وقف، ولا بأس ببيع نقضها إذا أضيف عليه الفساد للضرورة إلى ذلك، وأفتى ابن عرفة في مساجد خربت وأيس من عمارتها بدفع أنقاضها إلى مساجد عامرة احتاجت إليها (٤)

وقد أفاض أبو إسحاق الشاطبي في هذه المسألة بما فيه مزيد ضبط وتحقيق فليراجعه من شاء ذلك في الفتاوى له (٥)

والخلاصة أن المتقدمين من فقهاء مذهب إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله لا يرون جواز بيع الأحباس الأصول ولو خربت، وتعطلت منفعتها، ولا معاوضتها بربع غير خرب إلا لتوسعة المسجد، والطريق، أو المقبرة، ولا سبيل إلى التوسعة إلا بها، ما لم يجعل الواقف عليه ذلك ولا جاز ما ذكر.


(١) إرشاد السالك مع أسهل المدارك: ٣/ ١٠٤
(٢) الجامع لأحكام القرآن: ٢/ ٧٨
(٣) القوانين الفقهية: ٣٥٦
(٤) ميارة، الإتقان والأحكام: ٢/ ١٥٠
(٥) جمع وتحقيق محمد أبي الأجفان: ١٦٨ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>