للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفقهاء قد اختلفوا في مسافة القصر على نحو عشرين قولًا، ومن بين أسباب الاختلاف بينهم اختلاف السنن والآثار ومن بينها هذا الحديث المروي بروايات متعددة.

والحق أنه لا تلازم بين مسافة القصر، ووجوب المحرم، لجواز التوسعة في إيجاب المحرم تخفيفًا على العباد (١) بالإضافة إلى ما أجاب به العلماء على اختلاف هذه الروايات وأنه لا تعارض بينها، وأن هذا الاختلاف بحسب السائلين، فسئل مرة عن سفر المرأة يومًا؛ فقال: "لا" وهلم جرا، وليس فيه تحديد، ولا مفهوم أحدها.

والخلاصة أن كل ما يطلق عليه اسم السفر لا يجوز للمرأة وإلا ومعها ذو محرم منها (٢)

ولم يستثن الإمام الأعظم والإمام أحمد ومن وافقهما سفرًا من الأسفار لا سفر الحج ولا غيره عند انعدام الزوج أو المحرم منها، قالوا: إن الزوج أو المرحم شرط في استطاعة الحج للمرأة، فالسفر حرام عليها إلا مع أحدهما.

وذهب مالك والشافعي في المشهور عنهما ومن وافقهما إلى عدم اشتراط المحرم في سفر الحج، وجاء في المدونة: من لا ولي لها تخرج مع من تثق به من الرجال والنساء واختلف في تأويلها: هل مرادة مجموع الصنفين أو مع جماعة من صنف منهما؟ وأكثر ما نقل عن الإمام رضي الله عنه: اشتراط النساء (٣) وقال الشافعي: تحج مع امرأة مسلمة حرة ثقة.

هذا والخلاف يجري في حج الفرض، أما حج التطوع فالاتفاق جار على اشتراط المحرم منها أو الزوج (٤) وقيده لحطاب من المالكية بيوم وليلة فأكثر، شابة كانت أو متجالة.


(١) الصنعاني، سبل السلام: ٢/ ٣٩
(٢) النووي: شرحه على صحيح مسلم مع إرشاد الساري: ٦/ ٣٣
(٣) محمد الزرقاني: شرحه على موطأ مالك: ٤/ ٣٩٢
(٤) الحطاب، مواهب الجليل: ٢/ ٥٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>