للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال العاشر

يضطر كثير من الطلاب المسلمين إلى العمل في هذه البلاد لتغطية نفقات الدراسة والمعيشة لأن كثيرًا منهم لا يكفيه ما يرده من ذويه مما يجعل العمل ضرورة له، لا يمكن أن يعيش بدونه، وكثير منهم لا يجد عملًا إلا في المطاعم تبيع الخمور وتقدم الوجبات فيها لحم الخنزير وغيره من المحرمات فما حكم عمله في هذه المحلات؟

وفي الجواب عن هذا السؤال والله الموفق للصواب، أقول: لم يضبط في السؤال دين صاحب المطعم أو نحلته، والذي يظهر أنه غير مسلم أصالة أو استحلالًا للمحرمات، أو فاسقا معايشا للمعاصي.

وعلى كل فالشريعة الإسلامية تحرم على السلم إجارة نفسه للمعاصي قال عبد الرحمن بن عسكر البغدادي المالكي: "لا تجوز إجارة نفسه أو عبده أو دابته أو داره في عمل معصية" (١) ، فإن فعل شيئًا من ذلك فقد تعدى حدود الله {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} وللقاضي ردعه وتأديبه (٢) ودليل ذلك قوله تعالى {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} والإجارة على المعصية إعانة عليها.

وتنوعت أمثلة ذلك، قال ابن عبد البر في كافيه: ولا يجوز لأحد أن يكري معصرته ولا دابته، ولا سفينته ممن يعمل الخمر ويحملها، وإن فعل ذلك أخذ منه ما قبض ذلك من النصراني لم يحكم له بشيء، وهكذا لو أكرى بيته، أو حانوته، أو قطعة من أرضه ممن يبيع فيها الخمر (٣)

وكلام ابن عبد البر عام في المؤاجر نفسه لمعصية عند مسلم أو عند كافر، وأما قوله: "وإن لم يقبض من النصراني" فهو مخرج على الغالب، أن المعهود في عصره رحمه الله أنه لا يتاجر في الخمرة بيعًا إلى النصارى.


(١) إرشاد السالك إلى أشرف المسالك مع شرحه أسهل المدارك: ٢/ ٣٤٢
(٢) الكشناوي، أسهل المدارك: ٢/ ٣٤٢
(٣) ابن عبد البر، الكافي: ٢/ ٧٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>