للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إن كان هؤلاء الطلبة يؤاجرون أنفسهم في بلاد الحرب لغير المسلمين في مطاعم تبيح الخمور ولحم الخنزير لحرفائها وغيرها من المحرمات فذلك أشد لأن فقهاء الإسلام كرهوا للمسلم مؤاجرة نفسه للنصراني واليهودي في الحلال له، قال ابن القاسم المالكي: وبلغني أن مالكًا كره أن يؤاجر المسلم نفسه من النصراني (١) وقال أيضًا: سئل مالك عن المسلم يأخذ من النصراني مالًا قرضًا، فكره ذلك له وغيره من أهل العلم قد كره ذلك، وقال: سئل مالك عن المسلم يؤاجر نفسه لنصراني ليحرس له زيتونه، أو يجره له أو يبني له بنيانًا؟ فأجاب: أكره أن يؤاجر نفسه في خدمة هذا النصراني" (٢)

والكراهة هنا كراهة تنزيه، ويجوز للمسلم ذلك لأن الإجارة عقد معاوضة كالبيع وإجارة المسلم نفسه فيها مباح له لخدمة النصراني مشروطة بعدم إذلالها أو ليس للمسلم أن يذل نفسه عمومًا وخصوصًا للكافر والله جل جلاله يقول: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} وأما مع الإهانة فحرام ككونه خادمًا في بيته يقدم له الطعام ويغسل يديه منه ويجري خلفه ويفسخ وله أجر ما عمل (٣)

وأما موقف فقهاء الإسلام من مؤاجرة المسلم نفسه في عمل معصيته هي محرمة عليه في شريعة الإسلام فالمنع البات جاء في المدونة: قلت: أرأيت مسلمًا آجر نفسه من نصراني يحمل له خمرًا على دابته أو على نفسه، أيكون له من الأجر شيء؟ أم تكون له إجارة مثله؟


(١) سحنون، المدونة: ٤/ ٤٣٣
(٢) سحنون المدونة: ٤/ ٤٣٣
(٣) أحمد الدردير، الشرح الكبير: ٤/ ١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>