للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: قال مالك: لا تصلح هذه الإجارة، ولا أرى أنا له من الإجارة التي سمى، ولا من إجارة مثله قليلًا ولا كثيرًا، لأن مالكًا قال في الرجل المسلم يبيع خمرًا، قال مالك: لا أرى أن يعطى من ثمنها قليلًا ولا كثيرًا، والكراء عندي بهذه المنزلة لا أرى أن يعطى من الإجارة قليلًا ولا كثيرًا، قلت: وكذلك أن آجر حانوته من نصراني يبيع فيه خمرًا قال ابن القاسم: وأرى كل مسلم آجر نفسه أو غلامه أو دابته أو داره أو بيته أو شيئًا مما يملكه في شيء من الخمر فلا أرى له من الإجارة قليلًا ولا كثيرًا، ولكن يفعل فيه إن كان قبض ما وصفت لك في ثمن الخمر" (١) قال خليل بن إسحاق المالكي رحمه الله في مختصره ذاكرًا مفهوم المنفعة المحظورة: "ولا تعليم غناء ودخول حائص لمسجد أو دار لتتخذ كنيسة كبيعها لذلك وتصدق بالكراء وبفضلة الثمن على الأرجح" (٢) ومثل ذلك الإجارة على تقديم لحم الخنزير الذي هو حرام على المسلم في هذه المطاعم، ويؤدب فاعل ذلك، قال ابن القاسم في مسلم آجر نفسه لنصراني ليرعى له خنازيره: أنا أرى أن تؤخذ الإجارة من هذا النصراني ويتصدق بها على المساكين ولا يعطاها هذا المسلم أدبًا لهذا المسلم، ولأن الإجارة أيضًا لا تحل لهذا المسلم إذا كانت إجارته من رعيه الخنازير، ورأى أن يضرب هذا المسلم أدبًا، فيما صنع من رعيه الخنازير ورضاه من رعيه الخنازير إلا أن يكون ممن يعذر بالجهالة فيكف عنه في الضرب ولا يعطى من الإجارة شيء، ويتصدق بالأجرة على المسلمين ولا تترك الأجرة للنصراني" (٣)

وجاء في المذهب الحنفي: "من استأجر حمالًا يحمل له الخمر فله الأجر في قول أبي حنيفة، عند أبي يوسف ومحمد لا أجر له، كذا ذكر في الأصل وذكر في الجامع الصغير أنه يطيب له الأجر في قول أبي حنيفة وعندهما يكره لهما لأن هذه إجارة على المعصية، لأن حمل الخمر معصية، لكونه إعانة على المعصية وقد قال الله عز وجل: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ولهذا لعن الله تعالى عشرة منهم: حاملها والمحمول إليه، ولأبي حنيفة أن نفس الحمل ليس بمعصية بدليل أن حملها للإراقة والتخليل مباح، وكذا ليس بسبب المعصية وهو الشرب لأن ذلك يحصل بفعل فاعل مختار وليس الحمل من ضرورات الشرب فكانت سببًا محضًا فلا حكم له كعصر العنب وقطفه، والحديث محمول على الحمل بنية الشرب، وبه نقول: إن ذلك معصية ويكره أكل أجرته (٤)


(١) المدونة: ٤/ ٤٢٤ – ٤٢٥
(٢) المختصر: ٢٣٩
(٣) سحنون، المدونة: ٤/ ٤٢٦
(٤) الكاساني، البدائع: ٤/ ١٩٠

<<  <  ج: ص:  >  >>