للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن عباس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وأن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه)) رواه أحمد وأبو داود.

وإذا تأملنا هذه الأحاديث الشريفة وجدنا أن حديث الموطأ الأول متضمن حرمة عصر الخمور وصناعتها، لأن ابن وعلة المصري سأل حبر الأمة عن حكم ذلك فروى له هذا الحديث الشريف جوابًا عن سؤاله، كما تضمن الحديث أن حرمة أكل الثمن، تابعة لحرمة الشرب.

وأما علة التحريم فالرجسية أي النجاسة، والنجس لا يصح بيعه بوجه عام إلا ما رخص فيه، فقال ابن عاصم في تحفة الأحكام:

ونجس صفقته محظورة

ورخصوا في الزبل للضرورة

هذا أولًا، وثانيًا: سد الذريعة، لأن إباحة بيعها تؤدي إلى شربها، ذلك ما قاله العلامة الزرقاني في شرحه على الموطأ (١)

هذا وإذا عصرها مسلم لتشرب خمرًا محظورًا وجب عليه أن يريقها، فإن اجترأ وخللها فعن مالك في ذلك روايتان: بالجواز والكراهة.

وأما حديث الموطأ الثاني فالعراقيون السائلون لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما صانعو خمور ولعلهم حديثو عهد بالإسلام (كما قال الزرقاني) وابن عمر منعهم من ذلك، ولا خلاف نعلمه في منعه، والأصل في ذلك الحديث الأول فقد قال صلوات الله وسلامه عليه، للذي أهدي إليه راوية خمر: ((إن الذي حرم شربها حرم بيعها)) .


(١) شرح الموطأ: ٤/ ١٧٢

<<  <  ج: ص:  >  >>