للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد عرض نصوص المذاهب الأربعة من أمهاتها المعتمدة في الفتوى وبعد استخلاص أن ثلاثة منها جري فيها الخلاف في جواز التداوي بالخمر وعدم الجواز وهي الحنفي والمالكي والشافعي وأن المذهب الحنبلي فقط لا يجيز شربها للتداوي فيما علمت، وبعد وضعنا نصب أعيننا ما رواه وائل بن حجر أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه عنها: فقال: ((إنما أصنعها للدواء؟ فال: إنه ليس بدواء ولكنه داء)) وقول ابن مسعود في المسكر الذي ذكره البخاري: أن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم، وما رواه الإمام أحمد عن مخارق: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وقد نبذت نبذًا في جرة، فخرج ولا نبيذ يهدر فقال: ((ما هذا؟)) فقالت: فلانة اشتكت بطنها، فنقعت لها، فدفعه برجله فكسره، وقال: ((إن الله لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء)) ، وبعد العلم أنه لا منازع في عموم قوله تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} وأنهم اختلفوا في تخصيص القرآن العام بالسنة واتفقوا على عدم تخصيص عموم القرآن بالحديث الضعيف، وبعد العلم بما أولت به هذه الأحاديث وما شابهها من قبل القائلين بجواز التداوي بالمحرمات وبالمسكر منه فقالوا: إن الأحاديث المانعة من التعالج بالخمر محمولة بالمحرمات وبالمسكر منها فقالوا: إن الأحاديث المانعة من التعالج بالخمر محمولة على أن الحرمة ارتفعت بالضرورة، أو الحاجة منزلتها لما يلحق تارك التعالج بها من انخرام في صحته، أو لحاق شديد الحرج به إن لم يتداو بها، فلم تتناول الأحاديث المذكورة، أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك في أمراض عرف لها دواء طاهر ميسور غيرا لخمر أو أنها محمولة على الخمر صرفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>