للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيد سلمان الجمل في حاشيته على شرح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على منهجه كلامه بقيدين:

١- ما لم تستهلك الخمر في غيرها.

٢- أن لا يوجد دواء طاهر يقوم مقامها.

وإلا جاز التداوي بها.

ثم قال: والأصح تحريمها صرفًا لخبر: ((إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها)) .

وأما مستهلكة مع دواء آخر فيجوز التداوي بها كصرف بقية النجاسات، إن عرف، أو أخبر طبيب عدل بنفعها وتعينها بأن لا يغني عنها طاهر.

ولو احتيج في قطع يد متآكلة إلى زوال عقل صاحبها نحو ساعة ببنج جاز لا بمسكر مائع (١)

وجاء في آخر كتاب الأشربة لابن عابدين في حاشية رد المحتار على الدر المختار ما نصه: سئل ابن حجر المكي عمن ابتلي بأكل نحو الأفيون وصار إن لم يأكل منه هلك؟

فأجاب: إن علم ذلك قطعًا حل له بل وجب لاضطراره إلى إبقاء روحه كالميتة للمضطر، ويجب عليه التدريج في تنقيصه شيئًا فشيئًا حتى يزول تولع المعدة به من غير أن تشعر فإن ترك ذلك فهو آثم فاسق.

قال الرملي: وقواعدنا لا تخالفه (٢)

وفي المذهب الحنبلي لا يجوز شربها للتداوي فإن شربها لذلك لم يبح له. وعليه الحد.

ودليلهم ما رواه الإمام أحمد بإسناد عن طارق بن سويد أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أصنعه للدواء، فقال: ((إنه ليس بدواء ولكنه داء)) .

وبإسناده عن مخارق ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة، وقد نبذت في جرة، فخرج والنبيذ يهدر، فقال: ما هذا؟ فقالت: فلانة اشتكت بطنها فنقعت لها، فدافعه برجله فكسره، وقال: إن الله لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء)) ولأنه محرم لعينه، فلم يبح للتداوي كلحم الخنزير، ولأن الضرورة لا تندفع به فلم يبح كالتداوي بها فيما لا تصلح له (٣)


(١) حاشية الجمل على شرح المنهج: ٥/ ١٥٨
(٢) نهاية المحتاج: ٥/ ٢٩٧
(٣) ابن قدامة، المغني: ٨/ ٣٠٨

<<  <  ج: ص:  >  >>